وعليه : لا معنى لدعوى انّ الضمير وضع ليتطابق مع المدلول الجدّي لمرجعه ، بحيث يكون مربوطا بالمراد الجدي للكلام ، لأنّ هذا معناه : ربط جزء من المدلول الاستعمالي للكلام ، بجزء آخر من مدلوله الجدّي التصديقي ، وهذا خلاف تنسيق دلالات الكلام ، إذن ، فهو غير معقول.
ومن الواضح انّ قوله : «أكرم العالم وقلّده» ، له مدلول محفوظ ، بلا حاجة لفرض الجد ، فلو قال هازلا : «أكرم العالم وقلده» ، كنّا نفهم معنى هذا الكلام ، مع انّه لا مدلول جدّي لكلمة «العالم» ، وعليهن فلا معنى لما ذكر.
٢ ـ الاقتراح الثاني : هو أن يقال : بأن الاستخدام ، بمعنى عدم التطابق بين المدلول الاستعمالي للمطلق ، والمدلول الاستعمالي للضمير ، «الراجع» غير موجود في المقام ، وإنّما يوجد بينهما تطابق ، لأنّ مدلول كل منهما الاستعمالي هو الطبيعة المهملة ، فهما متطابقان فيها.
نعم لا تطابق بين مدلوليهما التصديقيين ، إذ بناء على جريان اصالة الإطلاق في المطلق بين المدلولين التصديقيين للمطلق والضمير ، «الراجع» ، نبرز حينئذ ، هنا ، دعوى ـ كنّا أبرزناها سابقا ـ الظهور في التطابق بين الضمير والمرجع في المراد الجدي ، وليس الاستعمالي فقط ، حيث ينبغي أن يكون كل من المرجع والراجع متطابقين في مدلولهما الجدي ، والمفروض انّنا علمنا انّ المراد الجدي من الضمير هو البعض ، وحينئذ ، فلو تمسكنا باصالة الإطلاق ، وكون المراد الجدّي من المرجع هو المطلق ، إذن ، نكون قد أثبتنا خلاف التطابق في المراد الجدي فيهما ، وهو خلاف دعوى ظهور التطابق بينهما في المراد الجدي.
إذن ، فهذا الاقتراح غير تام ، لأنّ العناية في هذه المشكلة ليست بلحاظ المدلول التصديقي الجدي ، بل العناية ثابتة بلحاظ نفس مرحلة الاستعمال ، ولهذا لو فرض وجود كلام لا جدّ فيه بقطع النظر عن الجد ، نرى انّ هذا الكلام في نفسه ليس صحيحا ، وانّه مشتمل على العناية في تلك المرحلة ، فلو انّ إنسانا قصد بالمرجع الحصة الأولى ، وبالضمير الحصة الثانية هزلا ،