وعليه : يمكن أن يوضع اسم الجنس لذلك المفهوم ، باعتباره مشيرا إلى واقع الجامع ، وبذلك يكون واقع الجامع قد تصوّره الواضع ، لكن لا بحقيقته ، بل بوجهه وعنوانه ، وهذا التصور يصحح الوضع كما عرفت في بحث الوضع.
ولكن هذا الجواب غير تام : لأنّ نتيجته انقلاب الوضع العام والموضوع له العام ـ كما في أسماء الأجناس ـ إلى الوضع العام والموضوع له خاص ، لأنّ المتصوّر عام وقد وضع اللفظ لأفراده ، فيكون الموضوع له خاصا.
والتحقيق في المقام هو أن يقال : إنّه لا أساس لهذا الاستشكال بناء على ما أوضحناه ، وذلك لأنّ الواضع يمكنه تصوّر الماهية بنحو اللّابشرط المقسمي ، وحينئذ ، فتارة يضع اللفظ لذات المتصوّر ويكون لحاظه وتصوره مجرّد مرآة لذات المتصور من دون أن تؤخذ تلك الصورة وذلك اللحاظ قيدا في الموضوع له ، فيكون تمام الموضوع له هو ، ذو الصورة المهملة التي تأتي ضمن المطلق تارة ، وضمن المقيد أخرى ، وهذا معنى كون اسم الجنس موضوعا للجامع بين المطلق والمقيّد ، وتارة أخرى يضع اللفظ لذات الصورة الملحوظة بذلك اللحاظ والمرئيّة بتلك الصورة التي هي عبارة عن لحاظ الماهيّة بلا قيد ، وبذلك يكون اسم الجنس موضوعا للمطلق ، وبهذا يثبت إمكانية وضع اسم الجنس للجامع بين المطلق والمقيّد ، وللمطلق بخصوصه ، ولا يكون هذا الإشكال واردا حينئذ.
وقد استشكل بعضهم أيضا في معقوليّة وضع اسم الجنس لخصوص المطلق ، كما يظهر من كلمات صاحب الكفاية (١) (قده).
وحاصل هذا الإشكال هو ، انّ الإطلاق ـ على ما تقدّم ـ قيد ثانوي ، فهو من شئون نفس اللحاظ لا الملحوظ ، وحينئذ ، إذا أخذ قيدا في الموضوع له ، إذن ، يكون اللفظ موضوعا لما هو مقيّد بأمر ذهني ، ومثل هذا
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ـ ج ١ ـ ص ٣٧٦ ـ ٣٧٨.