إذن فاحتمال القرينة موجود قبل وجود الظهور في الإطلاق ، فيكون مانعا منه ، وحينئذ لا معنى لإجراء اصالة عدم القرينة ، لأنّ اصالة عدم القرينة العقلائي إنّما يتعبّد به العقلاء في طول ظهور عرفي منجز على خلافه ، إذ تعبّدات العقلاء في مقام الأخذ بالظهورات ليست جزافا ، وهنا الظهور فرع القرينة ، فكيف ينفى بعدمها؟.
وإن أريد باصالة عدم القرينة الاستصحاب الشرعي ، يكون مثبتا حينئذ ، لأنّه تتميم للدلالة الالتزامية لذلك الظهور السياقي بالاستصحاب ، وهو من أوضح أنحاء الاصل المثبت.
وهنا قد يتخيّل كما ذكر الميرزا (قده) ـ أنّه يمكن التخلص من هذا المأزق بحلّ حاصله : هو أن يقال : بأنّ التقدير الثاني ـ وهو أن تكون مقدمات الحكمة منوطة بعدم مجيء القرينة ولو منفصلة ، ـ له صورتان.
١ ـ الصورة الأولى : وهي التي يرد عليها (١) النقض ـ هي أن يقال : بأنّ دلالة الكلام على الإطلاق لو كانت مشروطة بعدم مجيء القرينة في المستقبل على نحو الشرط المتأخر ، بحيث أنّه لو جاءت القرينة بعد سنة لكشفت أنّه لا إطلاق من أول الأمر ، لتمّ هذا النقض ، إذ يكون إحراز حدوث الإطلاق فرع إحراز الشرط المتأخر ، فمع الشك في مجيء القرينة في الظرف المتأخر نشك حينئذ في تكوين الإطلاق فعلا ، وحينئذ يكون النقض لازم.
٢ ـ الصورة الثانية : هي أن تكون دلالة الكلام على الإطلاق مشروطة بعدم مجيء القرينة بنحو الشرط المقارن ، بمعنى أنّ الإطلاق مستمر في كل زمان لم ترد فيه القرينة ، فلو قال المتكلّم يوم السبت : «أحلّ الله البيع» ، هنا نقول : إنّ الإطلاق يوم السبت مشروط بعدم القرينة يوم السبت ، واستمرار الإطلاق إلى يوم الأحد ، منوط بعدم مجيء القرينة في يوم الأحد ، وهكذا ، وليس المراد بأنّ الإطلاق يوم السبت منوط بعدم القرينة في يوم الاثنين ، وبناء عليه ، لا يرد النقض المذكور على
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ١ ـ ص ٥٣٠.