فالإطلاق الشمولي معقول في الواحد ، ولذا يدخل عليه أداة العموم ، فيقال : «أكرم كل واحد من العلماء» ، فيكون قابلا للعموم الشمولي الأداتي فضلا عن الإطلاق الحكمي ، إذن ، فكلمة «واحد» لا فرق بينها وبين أيّ مفهوم كلّي قيّد بالوحدة كما عرفت.
وأمّا الإشكال النقضي فهو أن يقال : إنّ التنكير لو كان موجبا لانسلاخ اسم الجنس عن القابلية للإطلاق الشمولي ، إذن كيف نتصوّر الإطلاق الاستغراقي في النكرة الواقعة في سياق النهي والنفي ، كما لو قال : «لا ترسم خطا» ، فمع أنّ كلمة «خطّا نكرة فهي تفيد الاستغراقية.
وفي مقام تحقيق هذين الإشكالين نقول : أمّا الإشكال الأول فيقال فيه : إنّ الواحد اصطلاح لفظي له ثلاث معاني :
أ ـ المعنى الأول : هو ان يراد منه الواحد في مقابل الكثير ، وهو الذي يقال بأنّه موجود في ضمن الكثير خارجا باعتبار أنّ الكثير مركّب من عدّة آحاد.
ومن الواضح ، انّ هذا المعنى الواحد ، مفهوم كسائر مفاهيم أسماء الأجناس ، وهو الذي تدخل عليه أداة العموم الشمولي ، ـ كما مرّ في الإشكال ـ وليس المراد من قيد الوحدة الذي يؤخذ في تنوين التنكير ، هذا المعنى.
ب ـ المعنى الثاني : هو أن يراد بالواحد ، الواحد فقط ومع هذه الإضافة ، أي بشرط «لا» من حيث الفرد الثاني ، وفي مثله لو قال : «أكرم فردا واحدا فقط» فإنّه يستحيل الإطلاق الشمولي فيه ، إذ كيف يكرم أكثر من فرد واحد ، مع أنّه أمر بإكرام فرد واحد فقط ، وإلّا ، فإنّ إكرام الفرد الثاني خلف التقييد بالواحد فقط.
وهذا التفسير للواحد ، ليس هو المقصود من الوحدة المأخوذة في تنوين التنكير أيضا.