المتكلّم ، وذلك من أجل حالة الإبهام والنكارة التي يوجبها التنوين ، فإنّ اسم الجنس بشؤم تنوين التنكير قيّد بأن لا يكون متعيّنا ، وعليه : فلا يناسبه التعيين الاستغراقي إلّا في ضمن واحد.
ومن هنا نستنتج : انّ كل تنوين نراه ونرى معه تعيّنا في الإطلاق الشمولي ، كما في مدخولات أدوات العموم «أكرم كل رجل» فهنا التنوين لم يمنع من الشمولية ، أو تعيّنا في فرد خاص ، كما لو اطّلع المتكلّم على من زارك بالأمس ثم قال في اليوم الثاني : «أكرم رجلا زارك بالأمس» قاصدا ذاك الشخص ، حينئذ ، يكون هذا التنوين تنوين تمكين ، وليس تنوين تنكير ، وذلك لملاءمة هذا التنوين للتعيين في الشمولية أو في الفرد المخصوص ، بينما تنوين التنكير لا يلائم التعيين بأحد وجهيه.
إذن ، فكلّما كان اسم الجنس المنوّن قابلا للانسلاخ عن كلا التعينين المذكورين يكون تنوينه تنوين تنكير.
وأمّا إذا دخلت «لام التعريف» على اسم الجنس ، فإنّها تخرجه من القابلية للتعيين التي كانت له قبل دخولها ، إلى التعيين الفعلي ، ومن أجل ذلك يصبح معرفة ، وهذا التعيين مدلول «للّام» لأنّها موضوعة لجعل مدخولها متعينا ، أي لواقع التعين ، لا بمعنى انّ اللّام موضوعة لمفهوم التعين ، إذ هو مفهوم اسمي قابل للنكارة ، بل هي موضوعة لواقع التعيين بأنحائه المناسبة ، إذ اللّام في موارد العهد الذكري تدلّ على التعيين الذكري ، وفي موارد العهد الذهني تدلّ على التعيين الذهني ، وفي موارد لام الجنس تدلّ على التعيين الجنسي أو على الماهية التي يعبّر عنها تارة بالجنس ، وأخرى بالذهني ، فهي إذن ، تدلّ في كل مورد على النحو المناسب لها ، وإن كانت موضوعة بالوضع العام والموضوع له خاص ، هذا هو المعروف بينهم.
لكن بعض الأصوليين ، كصاحب الكفاية (قده) استشكل في ذلك استشكالا ثبوتيا ، وادّعى انّ اللّام لا تدلّ على التعين ، ولذا ذهب إلى أنّها غير موضوعة للتعيين ولا تدلّ عليه.