بعضها فيبقى البعض الآخر ، وبهذا يتنقح صغريات لتلك الكبرى ، فينتج حجية العام في الباقي.
ولكن هذا ليس صحيحا ، وذلك لأنه حتى لو سلمنا بأن الظهورات متعددة وان سقوط بعضها عن الحجية لا يوجب سقوط البعض الآخر بدعوى أنّا لم نعلم سقوطها ، فإن هذه دعوى لا يمكن أن ندعيها بلا رجوع إلى السيرة العقلائية والتأكد من أن بنائهم منعقد على العمل في الباقي.
وعند ما نرجع إلى سيرتهم هذه ، نجد أنّ هذا الحديث بلا موجب ومستأنفا لأنه ان وجدنا السيرة منعقدة على ذلك ، فإن المطلب يتم على مستوى الصيغة الأولى من دون حاجة إلى هذه الدعوى ، وإلّا فما ذكر لا يفي بإثباتها.
أمّا أنّ المطلب يتم بدون حاجة إلى هذه الدعوى فبيانه : انّه إذا قال المولى لعبده : أكرم جيراني ، ثم خصّصه ، ولم يعمل العبد بالعام في تمام الباقي ، فهل يصح للمولى عقابه أو للعبد الاعتذار؟ وحينئذ إن رجعنا إلى السيرة العقلائية وتأكدنا أنّ بناء العقلاء على ذلك إذن ، فقد تمّت حجيّة العام في الباقي من دون حاجة إلى هذا البيان.
وإن لم نجد بناء العقلاء منعقد على ذلك ، وإنّ ما ذكر لا يفي في إثبات دعوى بناء العقلاء على ذلك ، فلأنه قد نبهنا سابقا إلى أن العام في المدلول الجدي له ظهور لم يسقط ، وهو ظهور الكلام في أنه أراد تمام الباقي جدا ـ ولكن هذا الظهور إنما يوجد وتتم صغراه فيما إذا ثبت أن لفظ العام مستعمل فيما يشمل تمام الباقي ، «إمّا في تمام العام ، كمدعى الآخوند (قده) ، وإمّا تمام الباقي» ، أمّا لو فرض استعماله في جزء من الباقي ، فإن اصالة التطابق بين مقامي الإثبات والثبوت لا محل لها حينئذ ، لأنه بعد أن ثبت استعماله فيه ، ثبت كونه جديا. فاصالة الجد فرع ثبوت الاستعمال ، ومن هنا تمسك صاحب الكفاية (قده) باصالة الحقيقة لإثبات أن العام مستعمل في العموم ، ثم ذكر بعد هذا انه يتمسك باصالة التطابق لإثبات أن العام مراد منه تمام الباقي.