قال سهل : منورة بنور التوحيد ، واتباع السنة ، ثم وصف وجوه الأعداء والمدّعين وقال : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) (٤٠) : عليها غبرة الفراق يوم التلاقي ، وعليها قترة ذل الحجاب ، وظلمة العذاب ، نعوذ بالله من العتاب.
قال السري : ظاهر عليها حزن البعاد ؛ لأنها صارت محجوبة عن الباب مطرودة.
قال سهل : غلب عليها إعراض الله عنها ، ومقته إياها ، فهي تزداد في كل وقت ظلمة وقترة.
وقال الأستاذ : عليها غبرة الفراق ، وترهقها قترة ذلّ الحجاب.
سورة التكوير
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣))
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١) : الإشارة في هذه الآيات إلى ظهور تجلّي الذات والصفات في قلوب العارفين ، فهناك تكوّرت شموس أرواحهم من غلبة نور عظمة الذات ، وانكدرت نجوم عقولهم من صولة أنوار الصفات ، وسيّرت جبال قلوبهم من أثقال واردات محبتها ، وتعطّلت نفوسهم في سطوات جلالها ، فهناك سجّرت بحار التوحيد ، وحشرت طيور التفريد ، ولا يبقى إلا وجه ذي الجلال والإكرام ، ولكل عارف في كل حالة من هذه الأحوال له قيامة.
قال الحسين : تطمس الشمس بعد تنويرها ، وتغور البحار بعد تفجيرها ، وتنسف الجبال بتسييرها ، وتدرس العشار بعد تعطيلها ، وتخمد الجحيم بعد تسعيرها ، وتطوى الصحف بعد النشر ، وتحشر الوحوش من القبر ، وتزلزل الأرض ، وتخرج أثقالها للعرض على الجبّار ، وذلك أصعب مقام المخالفين ، وأهون مقام الموافقين ، فطوبى لمن أثبت في ذلك المقام.
قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) (٧) : زوّجت الروح الناطقة بالنفس المطمئنة ، فتكونان في جنان القرب أبدا ، كما تكونان في الدنيا في مقامات المراقبات ، وصفاء المعاملات.
قال سهل : تآلفت نفس الطبع مع نفس الروح ، فمرحت في نعيم الجنة ، كما كانتا