وصلنا وعوائد لطفنا ؛ إنهم منتظرون هواجم مقتنا ، وخفايا مكرنا ، وعن قريب يجد كل منتظر محتضر.
سورة الأحزاب
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣))
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) : كان عليه الصلاة والسلام ألطف خلق الله من الأنبياء والمرسلين والملائكة والمقربين ، وأعرفهم به ومن كمال معرفته طار بجناح الربوبية في الربوبية ، وشاهد مشاهد الألوهية ففي كل شهود له منها لذة وحلاوة كادت توقفه عن طيرانه من جلال لذتها فخوفه الله من نفسه أن يحتجب به عنه فينقطع عن سفر الآزال إلى الآباد.
وقال ابن عطاء : أي أيها المخبر عني خبر صدق والعارف في معرفة حقيقة اتق الله في أن يكون لك التفات إلى شيء سواي.
قوله تعالى : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) : عرّفه مكان الوحي منه إليه معرفة حقيقة لا معرفة إبهام ، فإن من موجبات معرفة الوحي ألا يكون للنفس والقياس فيه سبيل ولا يدخل فيه حظ النفس بحال بل فيه اتباع حقيقي بلا اعوجاج ولا اضطراب.
وقال سهل : قطعه بذلك عن اتباع أعدائه ، وأمره بالاتباع في كل أحواله ؛ ليعلم أن أصح الطريق شريعة الاتباع والاقتداء.
وقال الأستاذ : أي : أيها المشرق حالا المفخّم قدرا منا ، المعلى رتبة من قبلنا ، يأيها المرقّى إلى أعلى الرتب الملقى بأسنى القرب ، يأيها المخبر عنا المأمون على أسرارنا المبلّغ خطابنا إلى أحبابنا : اتق الله أن تلاحظ غيرنا معنا ، وتستأنس شيئا من دوننا.
وقال في قوله : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ) : اتبع ولا تبتدع ، واقتد بما أمرك ، ولا تبتدئ باختيارك غير ما اختياره لك.
قوله تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي : توكل عليّ فيما أجزيك بمشاهدة وصالي ، وحلاوة رؤية جمالي أن تبقى فيها ؛ فإني أبلغك منك ومما تخدمني إليّ أبدا إلى محل الكمال ، ولا تقرع من غشيان غمار بحار البلاء فإن المبلى معك في البلاء.