يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) أي : ما مضى من بدو الوجود إلى زمان الفناء في أيام القدم المنزّه عن الأدهار والأعصار كلا شيء في شيء ، ثم بيّن أن هذه الأسرار والحقائق المكشوف ذلك بلاغ أي : مني إليك ومنك إلى العالمين ، ثم بيّن أن عند معاينة سطوات القهريات لا يهلك فيها إلا الخارجون من نعوت استعداد معرفتي حين يحتجبون بظلمات ظنونهم بقوله : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) الخارجون بالدعاوي الباطلة.
قال سهل في قوله : (أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) : إبراهيم ابتلي بالنار ، وذبح الولد ، فرضي وأسلم ، وأيوب بالبلاء فصبر ، وإسماعيل بالذبح فرضي ، ونوح بالتكذيب فصبر ، ويونس ببطن الحوت فدعا والتجأ ، ويوسف بالجب والسجن فلم يتغير ، ويعقوب بذهاب البصر وفقدان الولد ، فشكا بثه إلى الله ، ولم يشك إلى غيره ، وهم اثنا عشر نبيّا صبروا على ما أصابهم ، وهم أولوا العزم من الرسل.
وقال الواسطي في قوله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ) إلى قوله (مِنْ نَهارٍ) : لما جعل الأزل والأبد كساعة من نهار ، فأين تقع في ساعة من نهار من طاعته ومعصيته من كرمه؟!
سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢))
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) : ستر وأنعم الله بنسيانهم عن ذكره وتجهلهم بالمنعم ، وخاصموا أولياء الله ، وأنكروا عليهم ، أبطل الله ما عملوا بالرياء والسمعة والنفاق.
قال سهل : كفروا بتوحيد الله ، وصدوا عن دين الإسلام أبطل أعمالهم.
(ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣) فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ