واتصفوا بأوصاف الربوبية ، بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) : «تواصوا بالصبر» : بالله في الله ، «وتواصوا بالحق» : بالإقبال على الحق.
قال بعضهم : «التواصي بالصبر» : هو ألا يشهد البلاء بحال.
قال بعضهم : «التواصي بالحق» : هو مقام مع الحق ، والقيام بأوامره على حدود الاستقامة.
سورة الهمزة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩))
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) : ويل الحجاب لمن لا يرى الأشياء بعين المقادير السبّاقة حتى يكون وقيعه في الخلق بالحسد ، وهو مقبل إلى الدنيا بالجمع والمنع.
قال تعالى : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ.)
قال بعضهم : جمع المال : من علامة الجهل ، وحبّ المال : من علامة النفاق ، والبخل بالمال : من علامة الكفر.
قوله تعالى : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) : وصف الجاهل بالله بأن ماله يوصّله إلى الحق ، لا والله لا يصل إلى الحق إلا بالحق.
قال أبو بكر بن طاهر : يظنّ أن ماله يوصّله إلى مقام الخلد.
قوله تعالى : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) ، «ناران» : نار القهر ، ونور اللطف ، «نار قهره» : إبعاده قلوب المنكرين عن ساحة جلاله ، و «نار لطفه» : نيران محبته في قلوب أوليائه من المحبّين والعارفين.
قال جعفر : النيران شيء مختلف ، فمنها : نار المحبة ، ونار المعرفة تتّقد في أفئدة الموحدين ، ونيران جهنم تتّقد في أفئدة الكافرين ، ونيران المحبة إذا اتّقدت في قلب المؤمن تحرق كل همّة غير الله ، وكل ذكر سوى ذكره.
* * *