الْحَقُ) دون غيره ؛ ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أصدق كلمة تكلّمت بها العرب كلمة لبيد : ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل» (١).
وقال بعضهم : يرى الأشياء عدمها وجودها ووجودها عدمها ، كما أن كل قرب بعد ، وكل بعد قرب ؛ لأن إحاطة القدرة بالشيء وجود الشيء.
وقال الواسطي في قوله : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) : لو شهدوا شواهد الحق فيما جرى عليهم من المخالفة والموافقة لما اضطربوا فرحا ولا حزنا نفيا للشرك والمقارنة.
وقال أيضا : أوائلها للطائعين والعابدين ، طالعوه ، وراقبوه ، وأواخرها للواجدين ، شاهدوه على آباده وسرمده الذي فيه فناء معاينهم.
وقال ابن عطاء : آيات الحق بادية لمن كحّل بنور التوفيق ، ونظر إليها بعين التحقيق ، وكل ما أظهر الله تعالى من خلقه ناطق بتوحيده إما صريحا وإما دليلا منه للحق إن شاهدوا ونظروا عن بصر وبصيرة ولا دليل عليه وإليه سواه ، فإن الكل حدث وهو القديم ، ومتى يستدل بالحدث على القديم؟!
سورة الشورى
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤))
(حم (١) عسق) (٢) : هذه الأحرف رمز الله مع حبيبه صلىاللهعليهوسلم ، يخبره بهنّ ومن كان أهله من سرّ الذات والصفات والأفعال ، الحاء رمز الحياة الأزلية ، والميم رمز محبة القديم ، والعين رمز عينية ذاته وعلمه القديم وعيانه لأهل العيان ، والسين رمز سرّه وسرّ سرّه وغيبه وغيب غيبه وسنا سبحات وجهه وكشفه لأهل الكشوف ، والقاف عن قديمية وجوده ، وقوله القديم الذي منه بدأ العالم ، وآدم بالحاء الحياتي ، أحيا قلوب العارفين حين تجلت منها حياته لها ، وبالميم المحيى بملك الأرواح المحبين بحلاوة محبته ، التي برقت سناها في عيونها ، ثم بسرّ الحرفين ورمز النعتين حمى أسرار الواصلين عن خطرات الريب ، وكاشف لها أسرار الغيب ، ومن العين عاين ذاته وصفاته للعالمين به وبأوصافه ونعوته ، وبالسين سار سنا برق سبحاته في
__________________
(١) رواه مسلم (٧ / ١٧٦٨) ، والترمذي (٥ / ١٤٠).