وقال بعضهم : نزّه ربك عن ظلمه إياك فيما نسب إليك أي : فيما أصابك من المحن ، فلا يصيبك شيء من المحن دون قضائه ومشيئته ، وقوله : (حِينَ تَقُومُ) أي : حين تقوم إلى طاعة ربك نزّهه بمعرفتك باستغنائه عنك عن طاعتك.
وقال سهل في قوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) : لا تغفل صباحا ولا مساء عن ذكر من لا يغفل عن برّك وحفظك في كل الأوقات.
سورة النجم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢))
قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) : أقسم الله بالنجم ، وذلك النجم إلهام قلوب الملهمين حين يسقط من صحائف الغيوب إلى معادن القلوب ، وأيضا أي : بأنوار تجلي جماله وجلاله إذا وقع على أرواح العاشقين ، وأيضا بألحان بلابل علومه اللدنية التي تترنم بحقائق ما كنز الحق في كنوز القدم إذا جلست على أغصان ورد بساتين أسرار العارفين ، فتكلموا ، وأخبروا بها من مكنون غرائب علوم الصفات والذات ، وأيضا أي : بواردات الجذبية التي تبدو بأنوارها من الغيوب لفهوم المحبين ، وتسقط على أسرار الواصلين ، وتزعجها إلى مشاهدة رب العالمين حقائقها المواجيد والحالات والكشف والمشاهدات وأيضا أي : بالأرواح العاشقة الشائقة إذا صعدت إلى ملكوت الغيب ، وتسقط إلى بحر جبروت الرب ، وتحمل مياه حياة القدم من بحر البقاء ، وتأتي سكرى إلى معادن الأشباح ، وتضوع نفحاتها في بساتين العقول ورياض القلوب ، وأيضا بما نبت في بساتين قلوب الأولياء من عجائب أصناف أزهار الحكم والمعارف والعلوم والفهوم ، أي : بهذه المقسمات الشريفة والنيرات الواضحة ما ضلّ حبيبي عني لمحة وما احتجب بشيء دوني لحظة ، وما اعوجّ عن طريق استقامته قط ، وذلك قوله : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) ، وأيضا ما ضلّ عني بي في ميادين عظمتي ؛ حيث لا يدري الموحد أين هو ، هو كان عالما بي بحيث سلك ، وما غوى ما ستر بما وجد مني فيشغل به عني.
قال ابن عطاء : أقسم بنجوم المعرفة وضيائها وتجليها ونورها والاهتداء بها وسكون العارفين إلى أنوارها وسلوكهم بالاهتداء بها.
وقال جعفر : هو محل التجلي والاستتار من قلوب أهل المعرفة.