الأزلي فهو في عيش مشاهدته الأبدية.
قيل : قال الواسطي : هل يجوز أن تثقل الموازين بأعمالنا؟ قال : لو جاز ذلك لا من كل من كثرت أعماله وصفت ، بل الله يثقل موازين من شاء ، ويخفّف من شاء ، ألا ترى النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «الميزان بيد الله يخفض أقواما ويرفع آخرين» (١) ، رفعهم في أزليته ، ووضع آخرين في أزليته قبل كون كل كون.
قال سهل : فمن ثقلت موازينه بالإخلاص فهو في عيشة راضية ، في رضا الله ينقلب في جواره ، ومن خفّت موازينه بالرياء والسمعة فأمه هاوية ، فإنه ينقلب في سخط الله ومأواه النار.
سورة التكاثر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨))
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) : شغلكم النظر إلى أحوالكم وأعمالكم ، والاقتداء بالتقليد على السلف عن مشاهدتنا وقربنا.
__________________
ـ الأعمال تتجسّد يوم القيامة ؛ فيكون لها ثقل وخفة ، كما ذهب إليه أهل الشرع ؛ لأن الأعراض لا توصف بذلك ، وكان الظاهر أن تكون ثقلة الموازين بسيئات الأعمال ؛ لتهبط بصاحبها إلى النار التي في الأرض السافلة ، وأن يكون خفتها بصالحات الأعمال ؛ لتصعد بصاحبها إلى الجنة التي في السماء العالية ؛ لكن اعتبرت الثقلة بالصالحات ، والخفة بالطالحات ؛ لأن الجسم هو الذي يتّصف بالثقل ، والخفة ، فوجود الصالحات مما يقتضي جسامتها ، ووزنها ، وقدرها ، وصعودها ليس من حيث وجودها ، وثقلها في نفسها ؛ بل من حيث حال عاملها ، فإن العامل لا بد وأن يكون مخلصا بالكسر ؛ بل مخلصا بالفتح ، والمخلص لا وجود له في نفسه ؛ لأنه فان عن أعماله ، والتعلّق بها ، فاجتمع ثقيل ؛ وهو العمل ، وخفيف ؛ وهو حال العامل ؛ فارتفع ميزانه إلى جانب العلو ؛ كالروح مع الجسد ؛ فإنه لولا الروح لم يكن للجسد قيام بنفسه.
(١) رواه الطبراني في الكبير (٧ / ١١٧).