قوله تعالى : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) : «نصر الله» : تأييده الأزلي الذي سبق منه للعارفين والموحدين ، و «الفتح القريب» : كشف لقائه ، وانفتاح أبواب وصاله ، بنصره ظفروا على نفوسهم ، فقهروها بخدمته ، وبفتحه أبواب الغيب شاهدوا كل مغيب مستورا من أحكام الربوبية ، وأنوار الألوهية.
قال جعفر : بشارة إلى رؤيته في مقعد عند مليك مقتدر.
وقال ابن عطاء : النصر ، والتوحيد ، والإيمان ، والمعرفة ، والفتح القريب ، والنظر إلى السبل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤))
قوله تعالى : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) : أهل الإيمان القلب ، والعدو هو النفس ، ظفر القلب عليها بتأييد كشوف أنوار سلطان مشاهدة الحق ، فصار غالبا عليها في صباح كشفه ، وطلوع أنوار قربه ، فزالت ظلمها وبقي نوره ؛ لأنه تعالى متمم نوره ومؤيّده.
سورة الجمعة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥))
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) : تسبيحها عجزها عن حمل وارد قهره ؛ حيث تسخرت لأمر القدم بوجودها ، وهي كلها ألسنة أفعاله بقدسه عن محل التهمة ؛ لذلك وصف نفسه بقوله : (الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ.)