سورة الجاثية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢))
(حم) : الحاء يدل على أن في بحر حياته حارت الأرواح ، وفي ميادين محبته هامت الأسرار.
قال الأستاذ : أي : بحياتي ومودتي لا شيء أحبّ على أحبائي من لقائي.
(إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣))
قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي : في السماوات والأرض ظهور أنوار قدرته وسنا جماله لأبصار العارفين وبصائر المحبين.
قال سهل : علامات لمن أيقن بقلبه ، واستدل بكونها على مكون هذه الآيات الظاهرة.
(وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨))
قوله تعالى : (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) أي : ما بان في السماوات والأرض بان في خلق الإنسان والحيوان أيضا ، فما بان في السماوات والأرض للمؤمنين بان في خلق الإنسان والحيوان للموقنين ؛ لأن ما بان في خلق الإنسان حقيقة مباشرة الصفة في الفعل ، وذلك يوجب حقيقة اليقين ، وبين اليقين والإيمان فروق كثيرة ، وحقيقة الإيمان هو اليقين ؛ حين باشر الأسرار بظهور الأنوار ، ألا ترى كيف سأل النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله :
«اللهمّ إنّي أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا ليس بعده كفر» (١).
قال بعضهم : في شواهد القدرة وآثار الصنع دلالات وآيات على وحدانيته ، فمن استشهد بها على وحدانيته فهو الموحّد ، ومن كان نظره إلى القادر الصنانع المبدي لها ثم يرجع إلى الصنع والقدرة فهو العارف.
__________________
(١) رواه الطبراني في الأوسط (٦ / ١١٨).