قال بعضهم : من لزم طريقة التوكّل على الله أغناه الله عن الحركة بالرزق ، وأغناه عن السعي والطلب كما قال في : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) (١) : من اشتغل بالعبادة أمنه الله مما يخاف وأطعمه من جوعه ، بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.)
سورة الماعون
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧))
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) : من لم يكن من أهل الشهود في الدين فهو منكر يوم كشف اللقاء.
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) : وصف الله أهل الرياء والسمعة الذين لم يجدوا في صلواتهم لذّة المناجاة وأنوار المشاهدات.
قال بعضهم : الذين لا يحصرونها بشهود قلب رعاية حقوق المناجاة ، وخشوع الأرواح فيها ؛ ألا يعلمون أن الصلاة مواصلة بين العبد وبين ربّه ، فإذا لم يراع حقوقها كانت مفاصلة.
قوله تعالى : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) : وصفهم بالبخل عن بذل وجودهم في الله.
قيل : له يبخلون ببذل المال ، والمهج في رضا الحق.
__________________
(١) قال القشيري : مصدر آلف ، إذا جعلته يألف ، وهو ألف إلفا ، والمعنى : جعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، أي ليألفوا رحلتهم في الشتاء والصيف ، وكانت لهم رحلتان للامتيار : رحلة إلى الشام في القيظ ، ورحلة إلى اليمن في الشتاء والمعنى : أنعم الله عليهم بإهلاك عدوّهم ليؤلّفهم رحلتيهم. تفسير القشيري (٨ / ١٠٦).