هم المفلحون.
قال الحسين : حزب الله الذين إذا نطقوا بهروا ، وإن سكنوا ظهروا ، وإن غابوا حضروا ، وإن ناموا سهروا ، وإن كمّلوا فكملوا ، وإن نجت عنهم علل التخليط فطهروا ، أولئك حزب الله إلى آخره.
قال أبو سعيد الخراز : حزب الله قوم علاهم البهاء والبهجة ، فنعموا ، ولم يحتملوا الأذى ، وصاروا في حرزه وحماه ، فغلب نورهم الأنوار أجمع ، وغلب مقامهم المقامات أجمع وهمومهم الهمم أجمع ، فكانوا في عين الجمع مع الحق أبدا.
وقال ابن عطاء : إن لله عبادا اتصالهم به دائم ، وأعينهم به قريرة أبدا لا حياة لهم إلا به ؛ لاتصال قلوبهم به والنظر إليهم بصفاء اليقين ، فحياتهم بحياته موصولة لا موت لهم أبدا ، ولا صبر لهم عنه لا تقدس أرواحهم ، فعلّقها عنده ، فثمّ مأواها قد غشى قلوبهم من النور ما أضاءت به ، فأشرقت ونما زيادتها على الجوارح ، وصاروا في حرزه وحماه أولئك حزب الله إلخ.
قال رويم : صفتهم أنهم اطمأنوا إلى الله ، وهم أولياء الله وخاصته ، وأمان بلاده فأعين قلوبهم ناظرة إلى ربهم ، وآذان قلوبهم سامعة منه ، وهم الذين اصطفاهم الله واختارهم وهداهم إلى نفسه ، وسترهم عن خلقه أولئك حزب الله إلخ.
سورة الحشر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١))
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) : قدّس الله كل ذوات الأرض والأشباح والأجسام والحياة ، بلسان العقول ، ووجدان نور الإيجاد ، ومباشرة أفعاله ؛ لأنه تعالى خصّ ذوي العقول برؤية نور الصفات في الأفعال ، وهيّجهم ذلك إلى تقديسه وتنزيهه من علل الحدثان ، ذلك تعريف نفسه إياهم بظهور الصفة في الفعل ، فعرفوه ، ثم قدسوه ، وخصّ ما دونهم من ذوي الحياة بمباشرة نور الله ، فوهبها منها أرواحا مسبحة ، وكذلك الجمادات لها لسان الفعل يصف بها الحق ، وتنزهه الجمادات ، وسرّ عجيب لا يعرفه إلا من يفقه قول الله سبحانه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) ، ومن عظم قدر ذلك السر واللسان والوصف والتقديس شدّد الأمر في إدراكها بقوله : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.)