بوصفه لا بوصف الغير ، وكان (وَقابِلِ التَّوْبِ) : في الأزل ، (ذِي الطَّوْلِ) : والمنة على عباده ؛ حيث قبل ثناءهم وتسبيحهم وتوبتهم ، إذا كانت بنعت العلم بالعجز عن إدراك كنه قدمه ، والاعتراف بالجهل عن المعرفة بحقيقة وجوده.
قال ابن عطاء : إذا اشتغلت به عما دونه فقد جاءك الفتح من النصر ، والفتح هو النجاة من السجن ، والبشرى بلقاء الله.
وقال الواسطي : أي : فتح عليك العلوم ، (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) على ما كان منك من قلة العلم بما أريد منك ؛ (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً.)
وقيل : إذا فتح الله قلبك برؤية منه عليك أقبل الله قلوب عباده إليك حتى يأتوك فوجا فوجا.
قال بعضهم : احمد الله بحيث جعلك سبب وصل عباده إليه ، واستغفر الله من ملاحظة دعائك ، إن من أجابك هو الذي أجابنا وقت الميثاق ، وكتب له السعادة في الأزل (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)
سورة المسد
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥))
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) : وبّخ الله من لا تصل يد همّته إلى وثقى عروة نبوّته والإيمان برسالته والمعرفة بكمال شرفه خسرت في الأزل يده ؛ إذ قطعها الحق عن مصافحة حبيبه صلاة الله وسلامه عليه ، والأخذ بعروة متابعته ، ذلك الخسران من خذلان الحق إيّاه ، فإذا كان محجوبا عن طريق الرشد لا ينفعه أعماله ولا أمواله.
قال الله : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ.)
قال أبو بكر بن طاهر : ظهر خسران من لم ينزلك المنزلة التي أنزلناك من القرب والدنو والنبوّة والمحبة خسرانا ظاهرا ، وضلّ ضلالا بعيدا.
قال ابن عطاء في قوله : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) : علمك ألا يصل إليه إلا به وبعنايته السابقة ، فما أغنى أبا لهب ماله ، ولا ما رآه من قوته ؛ حيث حرم سوابق الأول من الخير.