في الملكوت أسرارهم.
(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢))
قوله تعالى : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ) مقام العبودية لكل عارف شعبها على قدر مواجيده ومعرفته ومشاهدته ، فالكامل منهم أن يكون عبوديته حفظ الأسرار من النظر إلى الأغيار ، وبذل وجوده بنعت الشوق إلى الله لله ؛ لأن هذا حد الانقياد في جنات المراد ، ألا ترى إلى قوله : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٩١) من الباذلين أنفسهم بنعت الفناء لله في الله.
قال بعضهم : العبودية لباس الأنبياء والأولياء.
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣))
قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) أوجب على حبيبه الحمد بظفره بمشاهدة الحق ، ونور كبريائه عند سقوط حجة أعدائه ، آياته ظهور أنوار سطوات عزته لانهزام النفوس الأمّارة في هياكل البشرية عن جنود الأرواح القدسية.
قال الأستاذ : عن قربة آياته فطوبى لمن رجع قبل وفاته ، والويل على من رجع بعد ذهاب الوقت وفواته.
* * *
سورة القصص
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤))
(طسم) (١) اطلاع الحق على أسرار المحبين ، وتجلي قدسه بنعت سنا الأزل لفؤاد المقربين ، فما أطيب هيجان سر الموحدين إلى طيب وصال بساتين ملكوت الغيب وجبروت النور ، طوبى لهم وحسن مآب.