وقال : استعمل الرضا جهدك ، ولا تدع الرضا يستعملك ، فتكون محجوبا بلذّته عن حقيقة ما يطالع بعد درجته.
قال سهل : الخشية سرّ ، والخشوع ظاهرّ.
وقال عمرو المكي : اشترط الراضين بالخشية في رضاهم عنه ؛ لذلك أوجب لهم رضاه عنهم بأن يرضوا عنه ويخشوه في رضاه عنهم ، ولا يكون ذلك إلا باجتناب المحارم ، وعقد موافقتهم لموافقته ، أن يكرهوا ما كره ، ويرضوا ما رضي.
سورة الزلزلة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨))
(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) : إذا انكشف جمال القدم عيانا تزلزلت أرض قلوب العارفين بوصول سطوات العزة إليها ، تحركت بنعوت المواجيد ؛ حيث باشرتها أنوار العظمة والكبرياء ، وعاينت ما في صميمها ، وأخرجت أثقال أسرار معارفها وعلومها المجهولة الربّانية إلى بساط الحضرة ، وصاحبها يتعجب من تلك الأشكال الحقيقية ، بقوله : (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) (٣) ، فتشهد الأرواح عليها ، وعرفت مكنون سرائرها إياه ، فعند ذلك عرف الإنسان نفسه حين ألهمه الحق بما ألهم روحه ، بقوله : (تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها.)
قال الحسين : تزلزل الأرض ، وتخرج أثقالها للعرض ، فتقول ما لها ، وتحدّث أخبارها ، وتظهر أسرارها ، فيسألها ما قدّمت من [فطها كيميا غيب نبذهت] ، من عظم ما عاينت ، وشاهدت مذعنة قد خضعت ، ونكست رؤوسها.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) : يجيبون بنيّات مختلفة ، ومأمولات متفاوتة ، فالناس الحقيقيّون يصدرون من مقام المكاشفة إلى مقام المشاهدة ، ومن مقام المشاهدة إلى مقام الوصلة.
قال أبو بكر بن طاهر : معتمدا على فعله وطاعته ، ومستحييا من مخالفته ومعصيته ، وراجيا شفاعته صلىاللهعليهوسلم ، ومعتمدا فضل الله عليه ، وأهل الصفوة واقفون بلا علة من هذه العلائق