سورة التين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨))
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ) : أقسم الله بمواضع تجلّي جماله وجلاله ، أما «التين» : فشجرة آدم التي نهاه عن قربها وهو متجلّ عنها له ، و «شجرة الزيتون» : التي تجلّى منها لموسى ، حيث قال : (إِنِّي آنَسْتُ ناراً) ، وقال : (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ) ، وطور سيناء الذي تجلّى عنده أيضا لموسى ، (الْبَلَدِ الْأَمِينِ) : هو الذي بيّته فيه ، وهو محل آياته ، وكشوف صفاته ، بقوله : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) ؛ لذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «جاء الله من سيناء ، واستعلن بساعير ، وأشرف من جبال فاران» (١) ، وأيضا (وَالتِّينِ) : أي : شجرة الروح القدسية ، (وَالزَّيْتُونِ) : شجرة العقل القدسي ، (وَطُورِ سِينِينَ) : هو القلب العارف بالله ، (الْبَلَدِ الْأَمِينِ) : صدر المحبّ المتمكن.
قال الجنيد : «التين» : بمسجد إيليا ، «والزيتون» : مسجد بيت المقدس ، «وطور سنين» : مسجد طور ، و «هذا البلد الأمين» : المسجد الحرام ، وإنما هذه مساجد عظّمها الله ؛ لأنها بقاع الله ؛ لأن الله جلّ ذكره يذكر فيها ، فأقسم بها.
قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) : أقسم الله بهذه المكرّمات أنه خلق آدم في أحسن منظر ، وأكرم خلقه ؛ إذ سوّاه بنور كشف صفاته ، وإلباسه إياه سنا ذاته.
قيل : في أحسن صورة. وقيل : في أتمّ معرفة.
وقال بعضهم : «حسن التقويم» : وصف قائم بالحق لا عبارة عنه ، وكل عبارة عن تمام تقويمه من تفسيره ، وليس لنهاية العبارة عند لفظ.
__________________
(١) تقدم تخريجه.