يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦))
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ) : اتبع الكفرة ما وقع في مخاييلهم من هواجس النفس ووساوس الشيطان ، ولم يقبلوا طريق الرشد من حيث الوحي والإلهام ، وأن الذين صدقوا في دين الله وشاهدوا الله بالله اتبعوا سنة رسوله وخطابه ، وما يقع في أسرارهم من النور والبيان والإلهام والكلام بنعت الإخلاص في طاعته ، والأدب في خدمته ، والإعراض عن غيره.
قال ابن عطاء في قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ) : اتباع الباطل ارتكاب الشهوات وأماني النفس ، واتباع الحق اتباع الأوامر والسنن.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) : نصرة العبد لله أن يجاهد نفسه وهواه وشيطانه ؛ فإنهم أعداء الله ؛ فإذا خاصمها يقويه الله وينصره عليهم ، بأن يدفع شرهم عنه ، ويجعله مستقيما في طاعة الله ، ويجازيه بكشف جماله حتى يثبت في مقام العبودية وانكشاف أنوار الربوبية.
قال ابن عطاء : هو أن يكون عون الله على النفس ، فإن الله ينصرك عليها حتى تنقاد لك ، ولا يكون عون النفس فتضرع ضرعة لا تقوم بعدها أبدا.
قال الترمذي : إن أكرمتم أوليائي أكرمتكم.
قال بعضهم : يرزقكم الله الاستقامة في كل أحوالكم.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (١١) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (١٢) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ (١٣))
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) : إني محبهم وحبيبهم في الأزل حين اصطفيتهم بولايتي ، واجتبيتهم بمعرفتي ، وآثرتهم على بريتي ، وجعلتهم مواقع نظري ،