ومواضع ودائعي ، وناصرهم على عدوهم ، محبته لا تزول ، ونصرته لا تحول.
قال أبو عثمان : معين من أقبل عليه ، وناصر من استنصره.
قال سهل : ولي الذين آمنوا بالرضا والمحبة لجملتهم.
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٤))
قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) (١) أي : على مشاهدة ويقين ، وبراهين واضحة ، ومتابعة على وفق ما وقع في قلبه من طريق الخطاب ، والإلهام الذي وافق الكتاب والسنة ؛ فمن هذا وصفه لا يكون كمن يستحسن ما زين له نفسه وهواه شيطانه من حيث الجهل والغرور.
قال أبو عثمان : البينة هي النور الذي يفرق بها المرء بين الإلهام والوسواس ، ولا تكون البينة إلا لأهل الحقائق في الإيمان ، والبينة نور ، والمترجم عنها البرهان.
قال أبو سعيد الخراز : البينات مختلفة ، منهم من كانت بينته الإلهام ، ومنهم قلوب أقفلت عن أن يدخلها شيء في المعرفة بنفسه ، ومنهم من كانت بينته المعرفة ببلاء الوقت وفتنته ، ومنهم من كانت بينته في كشف ما كشف الله له من صحة الرجوع إليه واضح البينات ما يشهد له شاهد الحق ويتلوه شاهد منه.
قال الأستاذ : البينة الضياء والحجة والاستبصار لواضح المحجة والعلماء في ضياء برهانهم ، والعارفون في ضياء بيانهم.
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (١٥) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (١٦))
قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) : لأهل الحق في هذا العالم جنان في قلوبهم وعقولهم ، وأرواحهم وأسرارهم ، فجنة القلوب روضة الإتقان ،
__________________
(١) أي : من شهد مقام الله عزوجل بالبيان ، فقام له بشهادة الإيقان ، فليس هذا كمن زين له سوء عمله ، واتبع هواه ، فآثره على طاعة مولاه. بل هذا قائم بشهادته ، متبع لشهيده ، مستقيم على محبة معبوده ه. البحر المديد (٣ / ٣٩).