قال ذو النون : التوكل التفويض لأمر الله.
وقال بعضهم : اعتمد على من دعاك إليه وضمن لك الكفاية ، وكّل إلى الله أمرك وكفى بالله وكيلا.
(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥))
قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : إن الله سبحانه أخبر أن القلب واحد لا يحتاج إلى قلب سواه ، فإن القلب خلق على استعداد قبول وقائع أنوار جميع الذات والصفات ، وفيه عقل قدسي يعرف الأشياء بحقيقتها ، ونفس هي مجرى الأقدار الفعلية القهرية من الله ، وفيه روح لطيف قدسي مخاطب من الله بجميع طرق المعارف ، وفيه سر هو مرآة كشوفات الغيب ، فإذا هدي القلب ميادين ربوبية الأزل والأبد لا يحتاج إلى شيء سواه ؛ فإنه الكون الأصغر بالصورة ، وفي المعنى الكون الأكبر ومن عرفه فقد عرف الحق ، وعرف ما دونه من العرش إلى الثرى ، فالقلب الحقيقي ما لم يكن بينه وبين الحق حجاب ولا يكون شغله بشيء سوى الله.
قال الصادق : قلب يرى به أمور الدنيا وقلب يعلم أمور الآخرة وذو القلب الصحيح السليم من كان قلبه حرّا من الاشتغال بشيء سوى الحق.
(وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) : ما صدر من الحق فهو حق حقيقي لا يشرب بشيء من الحدثان من الهواجس والوسواس ، وهو يهدي بنفسه العارف إلى سبيل معرفة الصفات ، ثم إلى طرق معرفة الذات.
قال جعفر : والله يقول الحق ؛ لأنه الحق ، ومنه بدت الحقائق وكلامه حق.
(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦))
قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : نفس المؤمن تطلب حظها والنبي صلىاللهعليهوسلم يطلب حظ الله من أنفسهم ، وحظ الحق منهم أولى من حظ أنفسهم فيهم.