إذ المصحح للامر بالصلاة انما كان من جهة حصول القدرة على كل جزء منها حال وجوده لمكان عصيان الامر بالإزالة في ذلك وتعقبه بالعصيان بالنسبة إلى الأجزاء اللاحقة.
وفى الوضوء يأتي هذا البيان أيضا إذ القدرة على كل غسلة من غسلات الوضوء تكون حاصلة عند حصول الغسلة لمكان العصيان بالتصرف في الآنية المغصوبة والعصيان في الغرفة الأولى لغسل الوجه يتعقبه العصيان في الغرفة الثانية والثالثة لغسل اليدين فيجرى في الوضوء الامر الترتبي كجريانه في الصلاة.
واورد عليه المحقق النائيني (ره) (١) مبتنيا على ما ذكرناه في هذا التنبيه ، بانه فرق بين باب الوضوء وباب الصلاة إذ الصلاة لا يعتبر فيها ازيد من القدرة العقلية على اجزائها المفروض حصولها باستمرار عصيان الإزالة ، فلا مانع من الامر الترتبي فيها ، واما في الوضوء فالقدرة المعتبرة فيه انما تكون شرعية ومما لها دخل في الملاك ، ولا قدرة شرعية على الوضوء بعد ما كان موقوفا على التصرف في الآنية المفروضة ولا ملاك له حينئذ فيكون غسل الوجه بالغرفة الأولى لغوا لا اثر له فلا يجري في الوضوء الامر الترتبي.
أقول : ما أفاده صاحب الفصول خلافا للمشهور بين الأصحاب ، من بطلان الوضوء في الفرض تام ، وإيراد المحقق النائيني (ره) عليه غير صحيح.
وذلك لأنه وان كان لا ريب في اعتبار القدرة شرعا في وجوب الوضوء ،
__________________
(١) فوائد الاصول ج ١ ص ٣٧٩ (الأمر الرابع)