إنّ النار لا تؤثر فيه ، والمرجان صغار اللؤلؤ وأشدّه بياضا ؛ وقيل : شبه لونهنّ ببياض اللؤلؤ مع حمرة الياقوت لأنّ أحسن الألوان البياض المشرب بحمرة. قال ابن الخازن : والأصح أنه شبههن بالياقوت لصفائه فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استضأته لرأيت السلك من ظاهره لصفائه. قال عمرو بن ميمون : إنّ المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من وراء الحلل كما يرى الشراب الأحمر من الزجاجة البيضاء : يدل على صحة ذلك ما روي عن ابن مسعود عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنّ المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها» (١) ، وذلك لأنّ الله تعالى يقول : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ ،) فأمّا الياقوت : فإنه حجر لو أدخلت فيها سلكا ثم استضأته لرأيته من ورائه ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر» (٢) ؛ زاد في رواية «ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دريّ في السماء إضاءة لا يبصقون فيها ، ولا يمتخطون ، ولا يتغوّطون ؛ آنيتهم الذهب والفضة ، وأمشاطهم الذهب ، ومجامرهم الألوّة» أي : بخورهم العود ورشحهم المسك ولكلّ واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد» (٣).
(فَبِأَيِّ آلاءِ) أي : نعم (رَبِّكُما) أي : المالك الملك المربي ببدائع التربية (تُكَذِّبانِ) أبما جعله مثالا لما ذكر من وصفهنّ أم بغيره؟.
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ) أي : بالطاعة من الإنس والجن وغيرهما (إِلَّا الْإِحْسانُ) أي : بالثواب ؛ وقال ابن عباس : هل جزاء من قال لا إله إلا الله وعمل بما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم إلا الجنة ؛ وعن أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) ثم قال : «أتدرون ما قال ربكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : يقول : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة» (٤). وروى الواحدي بغير سند عن ابن عمر وابن عباس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في هذه الآية : «يقول الله عزوجل هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدي إلا أن أسكنه جنتي وحظيرة قدسي برحمتي» (٥).
(فَبِأَيِّ آلاءِ) أي : نعم (رَبِّكُما) الكريم الرحيم الجامع لأوصاف الكمال (تُكَذِّبانِ) أبشيء من هذه النعم الجزيلة أم بغيرها؟.
(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ
__________________
(١) أخرجه بنحوه البخاري في بدء الخلق حديث ٣٢٤٥ ، ٣٢٤٦ ، ومسلم في الجنة حديث ٢٨٣٤ ، والترمذي في الجنة حديث ٢٥٣٧.
(٢) انظر الحاشية التالية.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الخلق حديث ٣٢٤٥ ، ٣٢٤٦.
(٤) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ٦٤٣٨ ، وأبو نعيم في تاريخ أصفهان ١ / ٢٣٣.
(٥) أخرجه الواحدي في الوسيط ٤ / ٢٢٧ ، والبغوي في تفسيره ٤ / ٣٤٣.