السّلام : «يقول الله : لا إله إلا الله حصني ، فمن دخله أمن عذابي». (١)
٩ ـ (وَهَلْ أَتاكَ) : فائدة الاستفهام في مثل هذا : استدراج المخاطب به إلى التفكّر والتذكّر ؛ ليغتنم المسموع فينجع (٢) في قلبه. وقيل : معناه قد. (٣)
١٠ ـ (بِقَبَسٍ) : بجذوة ، وهي النار التي تأخذها في طرف عود.
وقيل : كانت القصّة في زمن كيقباذ بن زاب بن بوذكاب بن ايريج بن نمرود ، فانصرف موسى من عند شعيب ، فلما كان ببعض الطريق جنّت عليه ليلة باردة ذات رذاذ ، وكانت امرأته حاملا ، فأخذها الطّلق ، فاقتدح موسى فما أروى زنده ، فآنس نارا من بعيد ، فظنّ أنّها قريبة منه ، فتوجه إليها ليقتبس منها ، فلمّا أتاها أبصرها نارا في شجرة خضراء ، كلما أراد أن يقتبس منها ارتفعت إلى أعاليها ، ونودي يا موسى (٢١٢ ظ) ففزع من ذلك فزعا شديدا ، وكان من أمره ما نطق (٤) به القرآن ، وذكروا أنّ الله تعالى قال لموسى ليلة إذ (٥) : يا موسى أنت جند من جنودي [أبعثك](٦) إلى ضعيف من خلقي بطر نعمتي ، وأمن مكري ، وغرّته الدنيا حتى جحد ربوبيّتي ، وأنكر حقّي ، وشتمني ، وعبد دوني ، وإنّي (٧) أقسم بعزّتي وجلالي لو لا إلزام الحجّة عليه والعذر الذي وضعت بيني وبين خلقي لبطشت بطشة جبار تغضب لغضبه السماوات والأرضون والجبال والبحار ، إن آذن للسماء اختطفته ، وإن آذن للأرض ابتلعته ، وإن آذن للبحر غرقته ، ولكن هان عليّ وسقط من عيني ، ووسعه حلمي ، فذكّره أيّامي ، وخوّفه عقابي ، وأعلمه (٨) أنّه لا يقوم شيء لغضبي ، وقل له بين ذلك قولا ليّنا لعلّه يتذكر أو يخشى ، ولا يهولنّك ما عنده من رياش (٩) الدنيا ، فإنّ ناصيته بيدي ، ليس يصرف ، ولا يتكلّم إلا بإذني ، وأعلمه أنّي إلى العفو والمغفرة أقرب منّي إلى الغضب والعقوبة ، وقل : أجب ربّك ، فإنّه واسع المغفرة ، وقد أمهلك منذ أربع مئة سنة ، أنت منابذه فيها بالعداوة ، وتصدّ عن عبادته ، وهو يمطر عليك السماء ، وينبت
__________________
(١) أخرجه الشهاب في مسنده ٢ / ٣٢٣ (١٤٥١) ، وابن عساكر في تاريخه ٥ / ٤٦٢ وغيره ، والسّلفي في معجم السفر ١ / ١٤٢ (٤٣٣).
(٢) نجع فيه القول والخطاب والوعظ : عمل فيه ودخل وأثّر. لسان العرب ٨ / ٣٤٨.
(٣) ينظر : تفسير السمعاني ٣ / ٣٢٢ ، وزاد المسير ٥ / ٢٠١ عن الأنباري ، والبحر المحيط ٧ / ٣١٤.
(٤) أ : ناطق.
(٥) الأصول المخطوطة : ليلتئذ.
(٦) زيادة يقتضيها السياق.
(٧) ك : فإني.
(٨) ع : واعلم.
(٩) أ : ريا. والرّياش : ما ظهر من اللباس. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٢٨٨ ، وتاج العروس ٤ / ٣١٦.