لك الأرض ، لم تقسم (١) قط ، ولم تهرم ، ولو شاء لفعل ذلك لك ، ولكنّه ذو أناة وحلم ، وجاهده بنفسك وأخيك (٢) محتسبين صابرين ، فإنّي لو شئت أن أؤيدكما بجنود (٣) لا قبل لهم بها ، وسلطان لا قوام لهم به لفعلت ، ولكنّي أزوي (٤) ذلك عنهما ، وكذلك أفعل بأوليائي ، وإنّي لأزوي عنهم نعم الدنيا وملكها ولذّاتها ، كما يزوي الراعي المشفق إبله عن مراتع الهلكة ، وأجنّبهم نعيمها ورخاءها ، كما يجنّب الراعي المشفق إبله عن مراتع العسرة ، وما ذلك من هوانهم عليّ ، ولكن ليستوجبوا به نعيم الآخرة ، واعلم ، يا موسى ، أنّه لم يتزيّن المتزيّنون عندي بزينة أحبّ إليّ من الزهد في الدنيا ، ولم يتقرب المتقرّبون إليّ (٥) بشيء أحبّ إليّ من الورع عمّا حرّمت عليهم ، ولم يدرك العباد فضل الباكين من خشيتي ، أمّا الزاهدون في الدنيا فإنّي أبيحهم الجنّة ، وأما الورعون فإنّي أرفع الحساب عنهم ، وأما الباكون من خشيتي فهم (٦) في الرفيق الأعلى من الجنّة لا يشاركون فيها ، ولا يلحقهم أحد.
١٢ ـ (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) : والنعل : ما يقي كفّ القدمين من الأذى ، وكانت نعلاه غير مدبوغتين من جلد حمار ميت. (٧)
(طُوىً) : فعل وهو معدول (٨) من طاوي أو مطوي ، طوى الله له الأرض بلطفه حتى قطع المسافة البعيدة مطوية ، أو أقدره على سرعة السير (٢١٣ و) فقطعها في لحظة كأنّه طوى الأرض بقدميه طيّا.
١٤ ـ (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) : لوقتها الذي يذكّرنا الله فيه من بعد نسياننا إيّاها (٩). وقيل : أراد بالذكر التسبيح والتهليل في الصلاة. (١٠)
١٥ ـ (لِتُجْزى) : متعلق (١١) ب (آتِيَةٌ). (١٢)
__________________
(١) بقي على حالة الشباب والحسن لم يتغير ولم يهرم. ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ٦٣ ، ولسان العرب ١٢ / ٤٨٣.
(٢) ع : بأخيك.
(٣) ع : بجند.
(٤) أزوي : أصرف عنه. لسان العرب ١٤ / ٣٦٥.
(٥) ساقطة من ع.
(٦) (أما الزاهدون ... من خشيتي فهم) ، ساقطة من ع.
(٧) ينظر : تفسير السمعاني ٣ / ٣٢٣ ، وزاد المسير ٥ / ٢٠٣ ، والدر المنثور ٥ / ٤٩١ عن ابن مسعود عن النبي عليهالسلام ، وعلي بن أبي طالب وغيره.
(٨) العدل : أن تلفظ ببناء وأنت تريد بناء آخر ، نحو عمر وتريد عامرا وزفر وتريد زافرا. اللمع في العربية ١٥٦.
(٩) ع : إياه.
(١٠) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٤٠٠ ـ ٤٠١ ، وتفسير السمعاني ٣ / ٣٢٤ ، وزاد المسير ٥ / ٢٠٤.
(١١) ك وع وأ : بمتعلق.
(١٢) ينظر : التبيان في إعراب القرآن ٢ / ١٣٥.