السّلام تسرّى بها ، وترفّعت المرأة أن تكون سرّية له فطلبت من سليمان عليهالسلام أن يتزوّجها ، فتزوجها سليمان ، وهو كالمنهيّ من جهة (١) الله تعالى بعد بلقيس بامرأة غير إسرائيليّة ، فكان ذلك سبب الفتنة ، ثمّ إنّ المرأة أظهرت بكاء وتأسّفا على أبيها وأمّها ، (٢٨٤ ظ) وقالت لسليمان عليهالسلام : حاجتي إليك أن تأمر (٢) الجنّ ليصورهما (٣) لي ، فأمر سليمان بذلك ، فصورهما لها ، فعبدتهما من دون الله تعالى ، ودعت جواريها وخدمها إلى عبادة هاتين الصّورتين ، فأجابوها إلى ذلك ، واتّصل ذلك الخبر سائر نساء سليمان وسراريه ، فلم يحسنوا أن يخبروا سليمان عليهالسلام بذلك ، وبلغ الخبر آصف بن برخيا ، فدخل على سليمان عليهالسلام وقال : يا نبيّ الله ، إنّه قد كبر سنّي ، ورقّ جلدي ، ودقّ عظمي ، فأذن لي أن أخطب بني إسرائيل خطبة قبل موتي ، فأذن له سليمان عليهالسلام ، فقال : يا نبيّ الله ، أحبّ أن أخطب وأنت حاضر ، فحضر سليمان عليهالسلام ، فلما صعد المنبر حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلّى على أنبيائه ورسله عليهمالسلام ، يذكر نبيّا بعد نبيّ من آدم عليهالسلام ، وأمسك عن ذكر سليمان ، ثمّ نزل عن المنبر ، فعاتبه سليمان على فعله ، فقال آصف : يا نبيّ الله ، لم يتهيأ إليّ أن أذكرك ، قد (٤) تزوجت بامرأة لم يؤذن لك في تزوّجها ، وأنّها تعبد الصّورة في دارك من دون الله تعالى ، فهذا الذي منعني من أن أذكرك بالجميل ، قال : ففزع سليمان من ذلك ، واغتمّ غمّا شديدا حتى ظهر ذلك عليه ، فطلّقها وأخرجها من بيته ، وأمر بالصّورتين فكسرتا ، واغتمّت الجارية لذلك غمّا شديدا ، فماتت من شدّة الغمّ ، واغتمّ سليمان غمّا ، فأوحى الله إليه يا ابن داود ، أتغتم (٥) وتظهر الغمّ على امرأة لم آذن لك في تزوّجها ، وقد عبدت الصّورة في دارك من دوني ، فاستعد الآن للفتنة والبلاء ، فلأبلونّك بليّة أنسيك فيها بلية أبيك داود ، ثمّ إنّ الله تعالى قيّض له شيطانا بصورة جارية لسليمان عليهالسلام ، تسمّى الأمينة ، وكان سليمان إذا أراد الخلوة مع نسائه دفع الخاتم إلى هذه الجارية ، فدفع يومئذ إلى الشّيطان على ظنّ أنّه الأمينة (٦) ، واسم ذلك الشيطان صخر ، فلما صار الخاتم في يده لم يستقر في يده ، فرمي في البحر ، وجاء حوت وابتلع الخاتم ، ومضى صخر الجنّيّ ، وقد ألقي عليه شبه سليمان ، فجلس على كرسيّ سليمان ، وخرج سليمان وقد تصوّر للأمينة بصورة صخر الجنّيّ ، فقالت : أعوذ بالله منك ، إنّي قد دفعت الخاتم
__________________
(١) أ : حرمة.
(٢) ك : أمر.
(٣) ع وأ : ليصوروهما ، وكذلك التي تليها.
(٤) ع : وقد.
(٥) ك : تغتم.
(٦) الأصول المخطوطة : الأمين ، والسياق يقتضي ذلك.