مخذول من خذله ، أما إني صلّيت مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ذات يوم ، فسأله سائل في المسجد ، فلم يعطه أحد شيئاً ، وكان عليّ راكعاً فأومأ بخنصره إليه وكان يتختّم بها ، فأقبل السائل حتّی أخذ الخاتم من خنصره ، فتضرّع النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم إلی اللّٰه عزّ وجلّ يدعوه ، فقال : اللّٰهمّ إنّ أخی موسی سألك : (قٰالَ رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْرِی* وَيسِّرْ لي أَمْرِی* وَاحْلُلْ عُقْدَهً مِنْ لِسٰانِی* يفْقَهُوا قَولي* وَاجْعَلْ لي وَزِیراً مِنْ أَهْلِی* هٰارُونَ أَخِی* اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِی* وَأَشْرِكهُ في أَمْرِی* كیْ نُسَبِّحَك كثيراً* وَنَذْكرَك كثيراً* إِنَّك كنْتَ بِنٰا بَصِيراً) (١) فأوحیت إليه :
(قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَك يٰا مُوسیٰ) (٢) اللّٰهمّ وإني عبدك ونبيّك ، فاشرح لي صدری ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيراً من أهلی عليّاً اشدد به ظهری ..
قال أبو ذرّ : فو اللّٰه ما استتمّ رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم الكلمه حتّی هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآيه : (إِنَّمٰا وليّكم اللّٰهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يقِیمُونَ الصَّلاٰهَ وَيؤْتُونَ الزَّكٰاهَ وَهُمْ رٰاكعُونَ* وَمَنْ يتَوَلَّ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّٰهِ هُمُ الْغٰالِبُونَ). انتهی.
وأنت ـ نصر اللّٰه بك الحقّ ـ تعلم أنّ الولي هنا إنّما هو الأولي بالتصرّف كما في قولنا : فلان ولي القاصر ، وقد صرّح اللغويون (٣) بأنّ كلّ من ولي أمر واحد فهو وليه ؛ فيكون كالمعني : إنّ الذي يلی أُموركم فيكون أولي بها منكم ، إنّما هو اللّٰه عزّ وجلّ ورسوله وعليّ ، لأنّه هو الذي اجتمعت به هذه الصفات : الإيمان ، واقام الصلاه ، وإيتاء الزكاه في حال الركوع ، ونزلت فيه الآيه ، وقد أثبت اللّٰه فيها الولآيه
__________________
(١) سوره طه ٢٠ : ٢٥ ـ ٣٥.
(٢) سوره طه ٢٠ : ٣٦.
(٣) راجع مادّه «ولي» من الصحاح ، أو من مختار الصحاح ، أو غيرهما من معاجم اللغه.