إلّا أنّ اللّٰه استجاب دعاء رسوله في عليّ ، ودخل عليه الدار وأكل معه من الطير ، ولو اتّسع المجال لفصّلت الكلام ، وأشرت إلی صحّه الحديث وإن حاول القوم «التكتّم» عليه ، فراجع المجلّد المختصّ به من كتابنا الكبير (١).
وأيضاً : فقد فضح اللّٰه حال أنس لمّا «كتم» الشهاده بحديث الغدير ، ودعا عليه الإمام عليه السلام وابتلی بالبرص ، والقضية مشهوره.
وعلی كلٍّ ، فإنّ هذا الحديث الذي أورده السيّد رحمه اللّٰه يعدّ من أسمی مناقب سیّدنا أمير المؤمنين وفضائله الدالّه علی إمامته بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، وهو من أثبت الأحاديث في الباب ، وقد رویت مقاطع منه أيضاً بأسانيد مستقلّه بعضها معتبر.
ومن هنا ، فقد بذل المتعصّبون جهودهم في الطعن في الحديث المذكور ، واضطربت كلماتهم في الردّ عليه ، وإليك بعض الكلام في ذلك :
لقد روی الحافظ أبو نعيم هذا الحديث بطریقین ، أحدهما : عن القاسم بن جندب ، عن أنس ، والآخر : عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن أنس ..
فقال ابن الجوزي ـ بعد أن رواه بالطريق الأوّل ـ : «هذا حديث لا يصحّ. قال يحيی بن معين : علی بن عابس ليس بشيء. وقد روی هذا الحديث جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن أنس. قال زائده : كان جابر كذّاباً ، وقال أبو حنيفه : ما لقیت أكذب منه» (٢).
فأمّا الطريق الأوّل ، فقد طعن فيه من أجل : «علی بن عابس» ، ولم يقل إلّا : قال يحيی بن معين : «ليس بشيء» ؛ ممّا يدلّ علی أنْ لا إشكال في هذا الطريق إلّا
__________________
(١) انظر : نفحات الأزهار في إمامه الأئمّة الأطهار ج ١٣ ـ ١٤.
(٢) الموضوعات ١ : ٣٧٧.