اختاروه للخلافه ولا بایعوه بها ، فدلّ ذلك علی أنّه مولاه ومولي كلّ مؤمن ومؤمنه بالحال لا بالمآل ، منذ صدع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بذلك عن اللّٰه تعالی يوم الغدير.
واختصم أعرابيان إلی عمر ، فالتمس من عليّ القضاء بينهما ، فقال أحدهما : هذا يقضی بيننا؟! فوثب إليه عمر (١) وأخذ بتلابيبة ، وقال : ويحك! ما تدري من هذا؟ هذا مولاك ومولي كلّ مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن. والأخبار في هذا المعني كثيره.
وأنت ـ نصر اللّٰه بك الحقّ ـ تعلم أن لو تمّت فلسفه ابن حجر وأتباعه في حديث الغدير ، لكان النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم كالعابث يومئذ في همه وعزائمه ـ والعياذ باللّٰه ـ الهاذی في أقواله وأفعاله ـ وحاشا للّٰه ـ إذ لا يكون له ـ بناءً علی فلسفتهم ـ مقصد يتوخّاه في ذلك الموقف الرهیب ، سوی بيان أنّ عليّاً بعد وجود عقد البیعه له بالخلافه يكون أولي بها ، وهذا معني تضحك من بيانه السفهاء فضلاً عن العقلاء ، لا يمتاز ـ عندهم ـ أمير المؤمنين به علی غيره ، ولا يختصّ فيه ـ علی رآيهم ـ واحد من المسلمين دون الآخر ؛ لأنّ كلّ من وجد عقد البيعه له كان ـ عندهم ـ أولي بها ، فعليّ وغيره من سائر الصحابه والمسلمين في ذلك شرع سواء ، فما الفضيله التی أراد النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم يومئذ أن يختصّ بها عليّاً دون غيره من أهل السوابق ، إذا تمّت فلسفتهم يا مسلمون؟!
أمّا قولهم بأنّ أوْلوية عليّ بالإمامه لو لم تكن مإليه لكان هو الإمام مع
__________________
(١) أخرجه الدارقطني ؛ كما في أواخر الفصل الأوّل من الباب الحادی عشر من الصواعق المحرقة ـ لابن حجر ـ.