وجود النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، فتمویه عجيب ، وتضليل غريب ، وتغافل عن عهود كلّ من الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء إلی من بعدهم ، وتجاهل بما يدلّ عليه حديث : «أنت مني بمنزله هارون من موسی إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» ، وتناس لقوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، في حديث الدار يوم الإنذار : «فاسمعوا له وأطيعوا» ، ونحو ذلك من السنن المتضافره.
علی أنّا لو سلّمنا بأنّ أوْلوية عليّ بالإمامه لا يمكن أن تكون حإليه لوجود النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، فلا بُدّ أن تكون بعد وفاته بلا فصل ، عملاً بالقاعده المقرّره عند الجميع ، أعني حمل اللفظ ـ عند تعذّر الحقيقة ـ علی أقرب المجازات إليها ، كما لا يخفي.
وأمّا كرامه السلف الصالح فمحفوظه بدون هذا التأويل ، كما سنوضّحه إذا اقتضی الأمر ذلك.
فقيل :
غدير خمّ هو موضع بالجحفه بين المدينه ومكه ، والرافضه يقولون : إنّ النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم خطب الناس في هذا المكان وبلَّغهم بولآيه عليّ رضي اللّٰه عنه من بعده ، وكان هذا البلاغ من النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم امتثالاً لأمر اللّٰه سبحانه وتعالی في الآيه ٦٧ من سوره المائده : (يٰا آيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إليك مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَاللّٰهُ يعْصِمُك مِنَ النّٰاسِ إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يهْدِی الْقَوْمَ الْكٰافِرِينَ) ، فكانت الآيه خاصّة بعليّ رضي اللّٰه عنه ، وتكليفاً من اللّٰه لنبيّه بتبليغ الأُمّه أنّ عليّاً خليفته من بعده بلا فصل ، فكان حديثه في غدير خمّ استجابه منه وامتثالاً لهذا التكلیف. كما صرّح بذلك الموسوی وأشياخه من قبله