ومع ذلك كله تراهم ـ إذا نظرت أحوالهم وسبرت أخبارهم ـ لا يعتمدون في بحوثهم الا على الكتاب والسنة ، يطلبون الحق ، وينشدون الحقيقة ، رائدهم الدين الصحيح ، والإصلاح ما استطاعوا ، بهدوء ووقار ، ونقاش متين ، وأدب رفيع ، وجدال بالتي هي أحسن ...
*(٥)*
ويعتقد الشيعة الامامية بأن مسألة « الامامة » بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هي مسألة أصولية كالنبوة (١). وبأن في النصوص الواردة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في تعيين الامام من بعده غنى عن أي دليل آخر. وهم ـ وان كان اعتمادهم في السنة على ما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم بطريق اهل بيته المعصومين ـ يحتجون في هذه المسألة بالنصوص الواردة عن طريق خصومهم ، والمسطورة في أسفار مخالفيهم ... هذا من حيث السند.
وأما من حيث الدلالة ... فقد صدرت تلك الأقوال من النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » ). وكما يرجع في فهم كلماته والألفاظ الصادرة عنه في مسائل الصلاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والبيع ، والشراء ، والنكاح ، والطلاق ... وأمثالها ... الى العرف واللغة ... كذلك يرجع الشيعة في فهم مداليل ألفاظه في مسألة الامامة والخلافة الى اللغة
__________________
(١) ويستدلون على ذلك أيضا بالكتاب والسنة كما لا يخفى على من راجع كتبهم في الامامة.
ومن النصوص النبوية الدالة على ذلك الحديث المشهور المتفق عليه : « من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » وله ألفاظ أخرى في مختلف الكتب ، هذا بالنسبة الى أصل الامامة.
قالوا : والمراد امامة على وأولاده ، واستدلوا على هذا بنصوص كذلك ، منها ما أخرجه الحاكم والطبرانيّ وأبو نعيم وغيرهم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم انه قال : « من أحب أن يحيى حياتي ويموت موتى ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربى فليتول على بن أبى طالب فانه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ».