صلّى الله عليه وسلّم. يعنى قوله صلّى الله عليه وسلّم : اسمعوا وأطيعوا. وهذا مع ثقة رجال اسناده حين شذ لفظه مع الأحاديث المشاهير امر بالضرب عليه فكان دليلا على ما قلناه » (١).
فإذا كان ( مسند ) أحمد بهذه المثابة من الدقة ، وكانت أسانيده صحيحة ، وقد احتاط فيه الاحتياط التام ، وجعله المرجع عند الاختلاف ، كيف يدخل فيه حديث الثقلين ، ويرويه فيه بأكثر من لفظ وطريق ، وهو يعتقد بأنه منكر من الأحاديث المناكير؟!
وقال عمر بن محمد عارف النهرواني المدني في ( مناقب ) أحمد بن حنبل : « قال ابن عساكر : أما بعد ، فان حديث المصطفى صلّى الله عليه وسلّم به يعرف سبل السلام والهدى ، ويبنى عليه أكثر الاحكام ، ويؤخذ منه معرفة الحلال والحرام. وقد دوّن جماعة من الأئمة ما وقع إليهم من حديثه ، وكان أكبر الكتب التي جمعت فيه هو المسند العظيم الشأن والقدر ( مسند ) الامام أحمد ، وهو كتاب نفيس يرغب في سماعه وتحصيله ويرحل اليه ، إذ كان مصنفه الامام أحمد المقدم في معرفة هذا الشأن ، والكتاب كبير القدر والحجم ، مشهور عند أرباب العلم ، يبلغ أحاديثه ثلاثين ألف سوى المعاد ، وسوى ما ألحق به ابنه عبد الله من أعالي الاسناد ، وكان مقصود الإمام في جمعه أن يرجع اليه في اعتبار من بلغه أو رواه ... »
فكيف يدخل الامام أحمد في هكذا كتاب ـ موصوف بهذه الصفات ـ حديثا منكرا مع علمه بكونه منكرا من الأحاديث المناكير؟ *[ ذلك ظن الذين لا يوقنون ]*.
وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( اسماء رجال المشكاة ) بترجمة أحمد : « ومسند الامام أحمد معروف بين الناس ، جمع فيه أكثر من ثلاثين
__________________
(١) طبقات الشافعية ٢ / ٣١ ـ ٣٣.