الجماعة من الناس فيكون ثلاثة بدل أو صفة ، والأول أحسن (إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) يعني بعلمه وإحاطته ، وكذلك سادسهم ، وهو معهم أينما كانوا.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى) نزل في قوم من اليهود كانوا يتناجون فيما بينهم ويتغامزون على المؤمنين فنهاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فعادوا ، وقيل : نزلت في المنافقين ، والأول أرجح لقوله : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) لأن هذا من فعل اليهود والأحسن أن المراد اليهود والمنافقين معا لقوله : ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم فنزلت الآية في الطائفتين (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) كانت اليهود يأتون رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقولون : السام عليك يا محمد بدلا من السلام : عليكم. والسام : الموت. وهو ما أرادوه بقولهم وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لهم : وعليكم. فسمعتهم عائشة يوما فقالت : بل عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : مهلا يا عائشة إن الله يكره الفحش والتفحش فقالت : أما سمعت ما قالوا؟ قال أما سمعت ما قلت لهم إني قلت : وعليكم. ويريد بقوله ما لم يحيك به الله قوله تعالى : قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى [النمل : ٥٩] (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) كانوا يقولون : لو كان نبيا لعذبنا الله بإذايته فقال الله (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) أي يكفيهم ذلك عذابا (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) قيل : يعني النجوى بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وحذف وصفها بذلك لدلالة الأول عليه وقيل : أراد نجوى اليهود والمنافقين ويؤيد هذا قوله : ليحزن الذين آمنوا.
(إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا) اختلف في سبب نزول الآية فقيل : نزلت في مقاعد الحرب والقتال ، وقيل : نزلت بسبب ازدحام الناس ، في مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحرصهم على القرب منه ، وقيل : أقام النبي صلىاللهعليهوسلم قوما ليجلس أشياخا من أهل بدر في مواضعهم ، فنزلت الآية. ثم اختلفوا هل هي مقصورة على مجلس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو هي عامة في جميع المجالس؟ فقال قوم إنها مخصوصة ويدل على ذلك قراءة المجلس بالإفراد (١) ، وذهب الجمهور إلى أنها عامة ويدل على ذلك قراءة المجالس بالجمع ، وهذا هو الأصح ويكون المجلس بالإفراد على هذا للجنس ، والتفسيح المأمور به
__________________
(١). قرأ المجالس بالجمع عاصم وقرأ الباقون : المجلس بالإفراد..