تعطف الفعل على الاسم ، فأضمر في قوله (فيضعفه) [البقرة : الآية ٢٤٥] «أن» حتى تكوّن اسما فتجريه على الأوّل إذا نوى به الاسم. والرفع لغة بني تميم لأنهم لا ينوون بالأول الاسم فيعطفون فعلا على فعل. وليس قوله (يقرض الله) [البقرة : الآية ٢٤٥] لحاجة بالله ولكن هذا كقول العرب : «لك عندي قرض صدق» و «قرض سوء» لأمر تأتي فيه مسرّته أو مساءته. قال الشاعر : [البسيط]
١٤٦ ـ لا تخلطنّ خبيثات بطيّبة |
|
واخلع ثيابك منها وانج عريانا (١) |
كلّ امرىء سوف يجزى قرضه حسنا |
|
أو سيّئا أو مدينا مثل ما دانا |
ف «القرض» : ما سلف من صالح أو من سيىء ، قال (وما لنا ألّا نقتل فى سبيل الله) [الآية ٢٤٦] ـ (أن) ها هنا زائدة كما زيدت بعد «فلما» و «لما» و «لو» فهي تزاد في هذا المعنى كثيرا. ومعناه : «وما لنا لا نقاتل» فأعمل «أن» وهي زائدة كما قال : «ما أتاني من أحد» فأعمل «من» وهي زائدة. قال الفرزدق (٢) : [البسيط]
١٤٧ ـ لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها |
|
إليّ لامت ذوو أحسابها عمرا (٣) |
المعنى : لو لم تكن غطفان لها ذنوب. و «لا» زائدة وأعملها.
وقال (فيه سكينة مّن رّبّكم) [الآية ٢٤٨]. و «السّكينة» هي : الوقار. وأما الحديد فهو : «السّكّين ، مشدد الكاف. وقال بعضهم : «هي السّكّين» مثلها في التشديد إلا أنّها مؤنثة فأنث. والتأنيث ليس بالمعروف وبنو قشير يقولون : «سخّين» للسكين. وقال (وءاتت كلّ واحدة مّنهنّ سكّينا) [يوسف : الآية ٣١].
وقال (ولو لا دفع الله النّاس بعضهم ببعض) [الآية ٢٥١] فنصبت (النّاس) على إيقاعك الفعل بهم ثم أبدلت منهم (بعضهم) للتفسير.
وقال (مّنهم مّن كلّم الله) [الآية ٢٥٣] أي كلمة الله فلفظ الجلالة في ذا الموضع رفع.
__________________
(١) البيتان لأمية بن أبي الصلب في ديوانه ص ٦٣ ، والبيت الثاني في لسان العرب (قرض) ، وتاج العروس (قرض) ، وتهذيب اللغة ٨ / ٣٤٠.
(٢) الفرزدق : هو همام بن غالب ، تقدمت ترجمته.
(٣) البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٢٣٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٠ ، ٣٢ ، ٥٠ ، والدرر ٢ / ٢٢٦ ، وشرح التصريح ١ / ٢٣٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٢٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٣ ، والخصائص ٢ / ٣٦ ، ولسان العرب (عطف) ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٧.