لأنه من «أمسى» و «أصبح». وقال (رّبّ أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق) [الإسراء : الآية ٨٠]. وتكون الميم مفتوحة إن شئت إذا جعلته من «دخل» و «خرج». وقال (إنّ المتّقين فى مقام أمين) (٥١) [الدّخان : الآية ٥١] إذا جعلته من «قام» «يقوم» ، فإن جعلته من «أقام» «يقيم» قلت : «مقام أمين».
وقال (ولا تتمنّوا) [الآية ٣٢] إن شئت أدغمت التاء الأولى في الآخرة ، فإن قيل كيف يجوز إدغامها ، وأنت إذا أدغمتها سكنت وقبلها الألف الساكنة التي في «لا» فتجمع ما بين ساكنين؟ قلت : «إن هذه الألف حرف لين». وقد يدغم بعد مثلها في الاتصال وفي غيره نحو «يضربانّي» و (ولا تناجوا بالإثم والعدوان) [المجادلة : ٩] وتدغم أيضا ، ومثله (قل أتحاجّونا في الله) [البقرة : ١٣٩] أدغمت وقبلها واو ساكنة. وإن شئت لم تدغم هذا كله. وقد قرأ بعض القراء (فبم تبشّرون) [الحجر : الآية ٥٤] أراد (تبشرونني) فأذهب إحدى النونين استثقالا لاجتماعهما ، كما قال : «ما أحسست منهم أحدا» فألقوا إحدى السينين استثقالا.
فهذا أجدر أن يستثقل لأنّهما جميعا متحركان. قال الشاعر : [الوافر]
١٧٢ ـ تراه كالثّغام يعلّ مسكا |
|
يسوء الفاليات إذا فليني (١) |
فحذف النون الآخرة لأنها النون التي تزاد ليترك ما قبلها على حاله وليست باسم. فأما الأولى فلا يجوز طرحها فإنها الاسم المضمر. وقال أبو حية النميري (٢) : [الوافر]
__________________
ـ وخزانة الأدب ١ / ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٩٢ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٣ ، والكتاب ٤ / ٩٥ ، ولسان العرب (مسا) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٣٥٢ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٠.
(١) البيت لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص ١٨٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٧١ ، ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، والدرر ١ / ٢١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٠٤ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١٣ ، والكتاب ٣ / ٥٢٠ ، ولسان العرب (فلا) ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٧٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٨٥ ، وجمهرة اللغة ص ٤٥٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٩١ ، ولسان العرب (حيج) ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٢١ ، والمنصف ٢ / ٣٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥.
(٢) أبو حية النميري : هو الهيثم بن الربيع ، شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية ، فصيح ، راجز ، من سكان البصرة ، أهوج ، جبان ، بخيل ، كذاب ، يعرف بأبي حية. مات في آخر خلافة المنصور سنة ١٥٨ ه ، وقيل سنة بضع وثمانين ومئة (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص ٥٢٠).