أي : كأنه ثدياه حقّان. وقال بعضهم «كأن ثدييه» فخففها وأعملها ولم يضمر فيها كما قال (إن كلّ نفس لّمّا عليها حافظ) (٤) [الطارق : ٤] أراد معنى الثقيلة فأعملها كما يعمل الثقيلة ولم يضمر فيها.
وقال (وما كان النّاس إلّآ أمّة وحدة) [الآية ١٩] على خبر «كان» كما قال (إن كانت إلّا صيحة وحدة) [يس : الآية ٢٩]. أي «إن كانت تلك إلا صيحة واحدة».
وقال (يهديهم ربّهم بإيمنهم تجرى من تحتهم الأنهر) [الآية ٩] كأنه جعل (تجرى) مبتدأة منقطعة من الأول.
وقال (حتّى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم) [الآية ٢٢] وإنما قال (وجرين بهم) [الآية ٢٢] لأنّ (الفلك) يكون واحدا وجماعة. قال (فى الفلك المشحون) [الشّعراء : الآية ١١٩] وهو مذكر. وأما (حتّى إذا كنتم فى الفلك) [الآية ٢٢] فجوابه قوله (جآءتها ريح عاصف) [الآية ٢٢].
وأما قوله (دّعوا الله) [الآية ٢٢] فجواب لقوله (وظنّوا أنّهم أحيط بهم) [الآية ٢٢] وإنما قال (بهم) وقد قال (كنتم) لأنه يجوز أن تذكر غائبا ثم تخاطب إذا كنت تعنيه ، وتخاطب ثم تجعله في لفظ غائب كقول الشاعر : [الطويل]
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدينا ولا مقليّة أن تقلّت (١) |
وقال (إنّما بغيكم على أنفسكم مّتاع الحيوة الدّنيا) [الآية ٢٣] أي : وذلك متاع الحياة الدنيا ، وأراد «متاعكم متاع الحياة الدّنيا».
وقال (كمآء أنزلنه) [الآية ٢٤] يريد : كمثل ماء.
وقال (وازّيّنت) [الآية ٢٤] يريد «وتزيّنت» ولكن أدغم التاء في الزاي لقرب المخرجين فلما سكن أولها زيد فيها وصل وقال (وازّيّنت) ثقيلة «ازّيّنا» يريد المصدر وهو من «التزين» وإنما زاد الألف حين أدغم ليصل الكلام لأنه لا يبتدأ بساكن.
__________________
ـ وشرح ابن عقيل ص ١٩٧ ، وشرح قطر الندى ص ١٥٨ ، وشرح المفصل ٨ / ٨٢ ، والكتاب ٢ / ١٣٥ ، ١٤٠ ، ولسان العرب (أنن) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٠٥ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣.
(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ١١٠.