(يس) (١) [يس : الآية ١] و (نون) لبعد النون من الواو لأن النون بطرف اللسان والواو بالشفتين.
وقال (لا ريب فيه هدى لّلمتّقين) [الآية ٢] وقال (فلا إثم عليه) [الآية ١٧٣] فنصبهما بغير تنوين. وذلك أن كل اسم منكور نفيته ب «لا» وجعلت «لا» إلى جنب الاسم فهو مفتوح بغير تنوين ، لأن «لا» مشبهة بالفعل ، كما شبهت «إن» و «ما» بالفعل. و «فيه» في موضع خبرها وخبرها رفع ، وهو بمنزلة الفاعل ، وصار المنصوب بمنزلة المفعول به ، و «لا» بمنزلة الفعل. وإنما حذفت التنوين منه لأنك جعلته و «لا» اسما واحدا ، وكل شيئين جعلا اسما لم يصرفا. والفتحة التي فيه لجميع الاسم ، بني عليها وجعل غير متمكن. والاسم الذي بعد «لا» في موضع نصب عملت فيه «لا».
وأما قوله (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [يونس : الآية ٦٢] فالوجه فيه الرفع لأن المعطوف عليه لا يكون إلا رفعا ورفعته لتعطف الآخر عليه ، وقد قرأها قوم نصبا وجعلوا الآخر رفعا على الابتداء.
وقوله (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج) [الآية ١٩٧] فالوجه النصب لأن هذا نفي ولأنه كله نكرة. وقد قال قوم «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» فرفعوه كله ، وذلك أنه قد يكون هذا المنصوب كله مرفوعا في بعض كلام العرب. قال الشاعر : [البسيط]
٧ ـ وما صرمتك حتى قلت معلنة |
|
لا ناقة لي في هذا ولا جمل (١) |
وهذا جواب لقوله «هل فيه رفث أو فسوق» فقد رفع الأسماء بالابتداء وجعل لها خبرا ، فلذلك يكون جوابه رفعا. وإذا قال «لا شيء» فإنما هو جواب «هل من شيء» ، لأن «هل من شيء» قد أعمل فيه «من» بالجر وأضمر الخبر والموضع مرفوع ، مثل «بحسبك أن تشتمني» فإنما هو «حسبك أن تشتمني». فالموضع مرفوع والباء قد عملت.
وقد قال قوم : «فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» فرفعوا الأول
__________________
(١) البيت للراعي النميري في ديوانه ص ١٩٨ ، وتخليص الشواهد ص ٤٠٥ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤١ ، وشرح المفصل ٢ / ١١١ ، ١١٣ ، والكتاب ٢ / ٢٩٥ ، ولسان العرب (لفا) ، ومجالس ثعلب ص ٣٥ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٣٦ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ١٥ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٢ ، واللمع ص ١٢٨.