فكيف قال (نّصفه) [الآية ٣]؟ إنما المعنى «أو نصفه أو زد عليه» لأن ما يكون في معنى تكلم به العرب بغير : «أو» تقول : «أعطه درهما درهمين ثلاثة» تريد : «أو درهمين أو ثلاثة».
وقال (وتبتّل إليه تبتيلا) [الآية ٨] فلم يجىء بمصدره ومصدره «التّبتّل» كما قال (أنبتكم مّن الأرض نباتا) [نوح : الآية ١٧] وقال الشاعر : [الوافر]
وخير الأمر ما استقبلت منه |
|
وليس بأن تتبّعه اتّباعا (١) |
وقال : [الرجز]
............ |
|
يجري عليها أيّما إجراء (٢) |
وذلك أنّها إنّما جرت لأنّها أجريت.
وقال (ربّ المشرق) [الآية ٩] رفع على الابتداء وجرّ على البدل.
وقال (مّهيلا) [الآية ١٤] لأنك تقول : «هلته» ف «هو مهيل».
وقال (يوما يجعل الولدن شيبا) [الآية ١٧] فجعل (يجعل الولدن) [الآية ١٧] من صفة اليوم ولم يضف لأنه أضمر.
وقال (أدنى من ثلثى الّيل ونصفه وثلثه) [الآية ٢٠] وقد قرئت بالجر وهو كثير وليس المعنى عليه فيما بلغنا لأن ذلك يكون على «أدنى من نصفه» و «أدنى من ثلثه» وكان الذي افترض الثلث أو أكثر من الثلث لأنه قال (قم الّيل إلّا قليلا) (٢) [الآية ٢] (نّصفه أو انقص منه قليلا) (٣) [الآية ٣] وأما الذي قرأ بالجرّ فقراءته جائزة على أن يكون ذلك ـ والله أعلم ـ أي أنكم لم تؤدوا ما افترض عليكم فقمتم أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه ومن ثلثه.
وقال (تجدوه عند الله هو خيرا) [الآية ٢٠] لأن «هو» و «هما» و «أنتم» و «أنتما» وأشباه ذلك يكن صفات للأسماء المضمرة كما قال (ولكن كانوا هم الظّلمين) [الزّخرف : الآية ٧٦] و (تجدوه عند الله هو خير) وقد يجعلونها اسما مبتدأ ، كما تقول : «رأيت عبد الله أبوه خير منه».
__________________
(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٢٤٣.
(٢) تقدم الرجز برقم ٢٤٢.