وهذا في لغة أسد السراة ، زعموا ، كثير.
وقوله (وممّا رزقنهم ينفقون) [الآية ٣] ففيها لغتان ، منهم من يقولها بالوقف إذا وصل ، ومنهم من يلحق فيها الواو. وكذلك هو في كل موضع من القرآن والكلام إلّا أن يكون ما قبلها مكسورا أو ياء ساكنة. فإن كانت ياء ساكنة أو حرف مكسور نحو «عليهم» و «بهم» و «من بعدهم» فمن العرب من يقول : «عليهمي» فيلحق الياء ويكسر الميم والهاء ، ومنهم من يقول : «عليهمو» فيلحق الواو ويضم الميم والهاء ، ومنهم من يقول : «عليهم» و «عليهم» ، فيرفعون الهاء ويكسرونها ، ويقفون الميم ، ومنهم من يقول : «عليهمو» فيكسرون الهاء ويضمون الميم ويلحقون الواو ، ومنهم من يقول : «عليهمي» فيضمون الهاء ويكسرون الميم ويلحقون الياء.
وكل هذا إذا وقفت عليه فآخره ساكن والذي قبله مكسور هو بمنزلة ما قبله ياء. وهذا في القرآن كثير.
ومنهم من يجعل «كم» في «عليكم» و «بكم» إذا كانت قبلها ياء ساكنة أو حرف مكسور بمنزلة «هم» وذلك قبيح لا يكاد يعرف ، وهي لغة لبكر بن وائل سمعناها من بعضهم يقولون «عليكمي» و «بكمي». وأنشد الأخفش (١) قال : سمعته من بكر بن وائل : [الطويل]
١٠ ـ وإن قال مولاهم على جلّ حاجة |
|
من الأمر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا (٢) |
وكل هذا إذا لقيه حرف ساكن حركت الميم بالضم إن كان بعدها واو ، فإن كان بعدها واو حذفت الواو ، وإن كان ياء حذفت الياء وحركت الميم بالكسر.
وكذلك الهاء التي للواحد المذكر من نحو «مررت به اليوم» و «رأيته اليوم».
وزعموا أن بعض العرب يحرك الميم ولا يلحق ياء ولا واوا في الشعر وذا لا يكاد يعرف. وقال الشاعر : [الرجز]
__________________
(١) هو الأخفش الأكبر ، أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد الهجري ، شيخ سيبويه وأبي عبيدة ، انظر ترجمته في مراتب النحويين ٢٣ ، وطبقات الزبيدي ٤٠ ، وإنباه الرواة ٢ / ١٥٧.
(٢) البيت للحطيئة في ديوانه ص ٤١ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٤٢ ، والكتاب ٤ / ١٩٧ ، وبلا نسبة في المقتضب ١ / ٢٧٠.