تقول «غزوت» و «أغزيت» ومثل ذلك (والّيل إذا يغشها) (٤) [الشّمس : الآية ٤] و (قد أفلح من تزكّى) (١٤) [الأعلى : الآية ١٤] ، و (والنّهار إذا تجلّى) (٢) [الليل : الآية ٢] أمالها لأنّها رابعة ، و «تجلّى» فعلت منها بالواو لأنها من «جلوت» و «زكا» من «زكوت يزكو» و (والّيل إذا يغشها) (٤) [الشّمس : الآية ٤] من «الغشاوة».
وقد يميل ما كان منه بالواو نحو «تلاها» و «طحاها» ناس كثير ، لأنّ الواو تنقلب إلى الياء كثيرا مثل قولهم في «حور» «حير» وفي «مشوب» «مشيب» وقالوا «أرض مسنيّة» إذا كان يسنوها المطر. فأمالوها إلى الياء لأنها تنقلب إليها.
وأمالوا كل ما كان نحو «فعلى» و «فعلى» نحو «بشرى» و «مرضى» و «سكرى» ، لأن هذا لو ثنّي كان بالياء فمالوا إليها.
وأما قوله (بما كانوا يكذّبون) [الآية ١٠] ف «يكذّبون» : يجحدون وهو الكفر. وقال بعضهم : «يكذبون» خفيفة وبها نقرأ. يعني «يكذبون على الله وعلى الرسل». جعل «ما» والفعل اسما للمصدر كما جعل «أن» والفعل اسما للمصدر في قوله «أحبّ أن تأتيني» ، وأما المعنى فإنما هو «بكذبهم» و «تكذيبهم». وأدخل «كان» ليخبر أنه كان فيما مضى ، كما تقول : «ما أحسن ما كان عبد الله» فأنت تعجّب من «عبد الله» لا من «كونه». وإنما وقع التعجب في اللفظ على كونه. وقال (فاصدع بما تؤمر) [الحجر : الآية ٩٤] وليس هذا في معنى «فاصدع بالذي تؤمر به». لو كان هذا المعنى لم يكن كلاما حتى تجيء ب «به» ولكن «إصدع بالأمر» جعل «ما تؤمر» اسما واحدا. وقال (ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا) [آل عمران : ١٨٨] يقول «بالإتيان» يجعل «ما» و «أتوا» اسما للمصدر. وإن شئت قلت : «أتوا» ها هنا «جاءوا» كأنه يقول : «بما جاءوا» يريد «جاءوه» كما تقول : «يفرحون بما صنعوا» أي «بما صنعوه» ومثل هذا في القرآن كثير. وتقديره «بكونهم يكذبون» ف «يكذبون» مفعول ل «كان» كما تقول : «سرني زيد بكونه يعقل» أي : «بكونه عاقلا».
وأما قوله (وإذا قيل لهم) [الآية ١١] فمنهم من يضم أوله لأنه في معنى «فعل» فيريد أن يترك أوله مضموما ليدل على معناه ، ومنهم من يكسره لأن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم والكسر القياس. ومنهم من يقول في الكلام : «قد قوله له» و «قد بوع المتاع» إذا أراد «قد بيع» و «قيل». جعلها واوا حين ضم ما قبلها ، لأن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم. ومنهم من يروم الضم في «قيل» مثل رومهم الكسر في «ردّ» لغة لبعض العرب أن يقولوا «ردّ» فيكسرون الراء