ويجعلون عليها حركة الدال التي في موضع العين. وبعضهم لا يكسر الراء ولكنه يشمها الكسر كما يروم في «قيل» الضم. وقال الفرزدق (١) : [الطويل]
٢٣ ـ وما حلّ من جهل حبا حلمائنا |
|
ولا قائل المعروف فينا يعنّف (٢) |
سمعناه ممن ينشده من العرب هكذا.
وأما قوله (أنؤمن كماءامن السّفهاء ألا إنّهم هم السّفهاء) [الآية ١٣] فقد قرأهما قوم مهموزتين جميعا ، وقالوا (سواء عليهم أنذرتهم) [البقرة : ٦] و (ولا يحيق المكر السّيّئ إلّا بأهله) [فاطر : الآية ٤٣] وقالوا (أإذا) [الواقعة : ٤٧] (أإنا) [الواقعة : ٤٧] كل هذا يهمزون فيه همزتين ، وكل هذا ليس من كلام العرب إلا شاذا. ولكن إذا اجتمعت همزتان شتى ليس بينهما شيء فإن إحداهما تخفف في جميع كلام العرب إلا في هذه اللغة الشاذة القليلة وذلك أنه إذا اجتمعت همزتان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة منهما أبدا فجعلوها إن كان ما قبلها مفتوحا ألفا ساكنة نحو «آدم» و «آخر» و «آمن» ، وإن كان ما قبلها مضموما جعلت واوا نحو «أوزز» إذا أمرته أن يؤز ، وإن كان ما قبلها مكسورا جعلت ياء نحو «إيت» ، وكذلك إن كانت الآخرة متحركة بأي حركة كانت والأولى مضمومة أو مكسورة فالآخرة تتبع الأولى نحو «أن أفعل» من «أأب» فتقول «أووب». ونحو «جاء» في الرفع والنصب والجر.
فأما المفتوحة فلا تتبعها الآخرة إذا كانت متحركة لأنها لو تبعتها جعلت همزة مثلها. ولكن تكون على موضعها. فإن كانت مكسورة جعلت ياء ، وإن كانت مضمومة جعلت واوا ، وإن كانت مفتوحة جعلت أيضا واوا لأن الفتحة تشبه الألف. وأنت إذا احتجت إلى حركتها جعلتها واوا ما لم يكن لها أصل في الياء معروف فهذه الفتحة ليس لها أصل في الياء فجعلت الغالب عليها الواو نحو «آدم» و «أوادم». فلذلك جعلت الهمزتان إذا التقتا وكانتا من كلمتين شتى مخففة
__________________
(١) الفرزدق : هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي ، أبو فراس شاعر من النبلاء عظيم الأثر في اللغة ، يقال : لو لا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب ، توفي سنة ١١٠ ه (الأعلام ٨ / ٩٣).
(٢) البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٩ ، وجمهرة أشعار العرب ص ٨٨٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٨١ ، والكتاب ٤ / ١١٨ ، ولسان العرب (حلل) ، (حبا) ، والمحتسب ١ / ٣٤٦ ، والمنصف ١ / ٢٥٠ ، وتاج العروس (حلل) ، (حبا).