وقوله (الّتى وقودها النّاس والحجارة) [الآية ٢٤] ف «الوقود» : الحطب. و «الوقود» : الاتقاد وهو الفعل. يقرأ «الوقود» و «الوقود» ويكون أن يعني بها الحطب ، ويكون أن يعني بها الفعل. ومثل ذلك «الوضوء» وهو : الماء ، و «الوضوء» وهو الفعل ، وزعموا أنهما لغتان في معنى واحد.
وقوله : (أنّ لهم جنّت تجرى من تحتها الأنهر) [الآية ٢٥] فجرّ «جنات» وقد وقعت عليها «أنّ» لأنّ كلّ جماعة في آخرها تاء زائدة تذهب في الواحد وفي تصغيره فنصبها جرّ ، ألا ترى أنك تقول : «جنّه» فتذهب التاء. وقال (خلق السموات والأرض) و «السماوات» جرّ ، و «الأرض» نصب لأن التاء زائدة. ألا ترى أنك تقول : «سماء» ، و (قالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا) [الأحزاب : ٦٧] لأن هذه ليست تاء إنّما هي هاء صارت تاء بالاتصال ، وإنما تكون تلك في السكوت. ألا ترى أنك تقول : «رأيت ساده» فلا يكون فيها تاء. ومن قرأ «أطعنا ساداتنا» جرّ لأنك إذا قلت : «ساده» ذهبت التاء. وتكون في السكت فيها تاء ، تقول : «رأيت سادات» ، وإنما جرّوا هذا في النصب ليجعل جرّه ونصبه واحدا ، كما جعل تذكيره في الجر والنصب واحدا ، تقول : «مسلمين» و «صالحين» نصبه وجره بالياء. وقوله (بيوتا غير بيوتكم) [النّور : الآية ٢٧] و (لا ترفعوا أصواتكم) [الحجرات : الآية ٢] فإن التاء من أصل الكلمة تقول «صوت» و «صويت» فلا تذهب التاء ، و «بيت» و «بويت» فلا تذهب التاء. وتقول : «رأيت بويتات العرب» فتجرّ ، لأن التاء الآخرة زائدة لأنك تقول : «بيوت» فتسقط التاء الآخرة. وتقول : «رأيت ذوات مال» لأن التاء زائدة ، وذلك لأنك لو سكت على الواحدة لقلت : «ذاه» ولكنها وصلت بالمال فصارت تاء لا يتكلم بها إلا مع المضاف إليه.
وقوله (هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها) [الآية ٢٥] لأنه في معنى «جيئوا به» وليس في معنى «أعطوه». فأما قوله : (متشبها) [الآية ٢٥] فليس أنه أشبه بعضه بعضا ولكنه متشابه في الفضل. أي كل واحد له من الفضل في نحوه مثل الذي للآخر في نحوه.
وقوله (إن الله لا يستحي أن) [الآية ٢٦] ف «يستحيي» لغة أهل الحجاز بياءين وبنو تميم يقولون «يستحي» بياء واحدة ، والأولى هي الأصل لأن ما كان من موضع لامه معتلا لم يعلّوا عينه. ألا ترى أنهم قالوا : «حييت» و «جويت» فلم تقلّ العين. ويقولون : «قلت» و «بعت» فيعلّون العين لما لم تعتلّ اللام ، وإنما حذفوا لكثرة استعمالهم هذه الكلمة كما قالوا «لم يك» و «لم يكن» و «لا