أي : أنتم كذلك.
وقوله (الأسماء كلّها ثمّ عرضهم) [الآية ٣١] فيريد عرض عليهم أصحاب الأسماء ، ويدلك على ذلك قوله (أنبئونى بأسماء هؤلاء) [الآية ٣١] فلم يكن ذلك لأن الملائكة ادّعوا شيئا ، إنما أخبر عن جهلهم بعلم الغيب وعلمه بذلك وفعله فقال (أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) كما يقول الرجل للرجل : «أنبئني بهذا إن كنت تعلم» وهو يعلم أنه لا يعلم يريد أنه جاهل. فأعظموه عند ذلك فقالوا : «(سبحنك لا علم لنا) [الآية ٣٢] بالغيب على ذلك. ونحن نعلم أنه لا علم لنا بالغيب» إخبارا عن أنفسهم بنحو ما خبر الله عنهم. وقوله (سبحنك لا علم لنا) [الآية ٣٢] فنصب «سبحانك» لأنه أراد «نسبّحك» جعله بدلا من اللفظ بالفعل كأنه قال : «نسبّحك بسبحانك» ولكن «سبحان» مصدر لا ينصرف. و «سبحان» في التفسير : براءة وتنزيه. قال الشاعر : [السريع]
٣٤ ـ أقول لمّا جاءني فخره |
|
سبحان من علقمة الفاخر (١) |
يقول : براءة منه.
هذا باب الاستثناء
وقوله (فسجدوا إلّا إبليس) [الآية ٣٤] فانتصب لأنك شغلت الفعل بهم عنه فأخرجته من الفعل من بينهم. كما تقول : «جاء القوم إلّا زيدا» لأنّك لما جعلت لهم الفعل وشغلته بهم وجاء بعدهم غيرهم شبهته بالمفعول به بعد الفاعل وقد شغلت به الفعل.
وقوله (أبى واستكبر وكان) [الآية ٣٤] ففتحت (استكبر) لأن كل «فعل» أو
__________________
ـ ولسان العرب (نقص) ، ومغني اللبيب ١ / ١٧ ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٦٣ ، و ٣ / ٢٦٩ ، ورصف المباني ص ٤٦ ، وشرح المفصل ٨ / ١٢٣ ، والمقتضب ٣ / ٢٩٢.
(١) البيت للأعشى في ديوانه ص ١٩٣ ، وأساس البلاغة (سبح) ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٠٩ ، وجمهرة اللغة ص ٢٧٨ ، وخزانة الأدب ١ / ١٨٥ ، ٧ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨ ، والخصائص ٢ / ٤٣٥ ، والدرر ٣ / ٧٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٥٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٠٥ ، وشرح المفصّل ١ / ٣٧ ، ١٢٠ ، والكتاب ١ / ٣٢٤ ، ولسان العرب (سبح) ، وتاج العروس (شتت) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٣ / ٣٨٨ ، ٦ / ٢٨٦ ، والخصائص ٢ / ١٩٧ ، ٣ / ٢٣ ، والدرر ٥ / ٤٢ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٦١ ، والمقتضب ٣ / ٣١٨ ، والمقرب ١ / ١٤٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠ ، ٢ / ٥٢.