٦٩ ـ ألا من مبلغ عنّي تميما |
|
بآية ما تحبّون الطّعاما (١) |
فأضاف «آية» إلى الفعل. وقالوا : «اذهب بذي تسلم» و «بذي تسلمان». فقوله : «ذي» مضاف إلى «تسلم» كأنه قال : «اذهب بذي سلامتك» وليس يضاف إلى الفعل غير هذا. ولو قلت في الكلام : «واتقوا يوم لا تجزى نفس فيه» فلم تنون اليوم جاز ، كأنك أضفت وأنت لا تريد أن تجيء ب «فيه» ثم بدا لك بعد فجئت به ، كما تقول : «اليوم آتيك فيه» فنصبت «اليوم» لأنك جئت ب «فيه» بعد ما أوجبت النصب وقال قوم : لا يجوز إضمار «فيه». ألا ترى أنك لا تقول : «هذا رجل قصدت» وأنت تريد «إليه» ولا «رأيت رجلا أرغب» وأنت تريد «فيه» والفرق بينهما أن أسماء الزمان يكون فيها ما لا يكون في غيرها ، وإن شئت حملتها على المفعول في السعة كأنك قلت : «واتقوا يوما لا تجزيه نفس» ثم ألقيت الهاء كما تقول : «رأيت رجلا أحبّ» وأنت تريد «أحبه».
باب من التأنيث والتذكير
أما قوله (تجزى نفس عن نّفس شيئا) [الآية ٤٨] فهو مثل قولك : «لا تجزي عنك شاة» و «يجزي عنك درهم و «جزى عنك درهم» و «وجزت عنك شاة». فهذه لغة أهل الحجاز لا يهمزون. وبنو تميم يقولون في هذا المعنى : «أجزأت عنه وتجزىء عنه شاة» وقوله «شيئا» كأنه قال : «لا تجزىء الشاة مجزى ولا تغني غناء». وقوله (عن نّفس) [الآية ٤٨] يقول : «منها» أي : لا تكون مكانها.
وأما قوله (ولا يقبل منها شفعة) [الآية ٤٨] فإنما ذكر الاسم المؤنث لأن كل مؤنث فرقت بينه وبين فعله حسن أن تذكر فعله ، إلّا أنّ ذلك يقبح في الأنس وما أشبههم مما يعقل. لأنّ الذي يعقل أشد استحقاقا للفعل. وذلك أن هذا إنما يؤنث ويذكر ليفصل بين معنيين. والموات ك «الأرض» و «الجدار» ليس بينهما معنى كنحو ما بين الرجل والمرأة. فكل ما لا يعقل يشبه بالموات ، وما يعقل يشبه بالمرأة والرجل نحو قوله (رأيتهم لى سجدين) [يوسف : الآية ٤] لما أطاعوا صاروا كمن
__________________
(١) البيت ليزيد بن عمرو بن الصعق في خزانة الأدب ٦ / ٥١٢ ، ٥١٤ ، ٥١٥ ، ٥١٨ ، ٥١٩ ، ٥٢٣ ، ٥٢٦ ، والدرر ١ / ٩٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٦ ، وشرح المفصل ٣ / ١٨ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٠ ، والكتاب ٣ / ١١٨ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٢٥٠ ، ومغني اللبيب ٢ / ٤٢٠ ، ٦٣٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥١.