يعقل ، قال (ولو كان بهم خصاصة) [الحشر : الآية ٩] فذكر الفعل حين فرّق بينه وبين الاسم ، وقال (ولا يؤخذ منكم فدية) [الحديد : ١٥] وتقرأ (تؤخذ). وقد يقال أيضا ذاك في الأنس ، زعموا أنهم يقولون «حضر القاضي امرأة». فأما فعل الجميع فقد يذكّر ويؤنث لأن تأنيث الجميع ليس بتأنيث الفصل ، ألا ترى أنك تؤنث جماعة المذكّر فتقول : «هي الرّجال» و «هي القوم» ، وتسمي رجلا ب «بعال» فتصرفه لأن هذا تأنيث مثل التذكير ، وليس بفصل. ولو سميته ب «عناق» لم تصرفه ، لأن هذا تأنيث لا يكون للذكر ، وهو فصل ما بين المذكر والمؤنث ، تقول : «ذهب الرجل» و «ذهبت المرأة» فتفصل بينهما. وتقول : «ذهب النساء» و «ذهبت النساء» و «ذهب الرجال» و «ذهبت الرجال». وفي كتاب الله : (كذّبت قوم نوح المرسلين) (١٠٥) [الشّعراء : الآية ١٠٥] و (كذب به قومك) [الأنعام : ٢١]. قال الشاعر : [الطويل]
٧٠ ـ فما تركت قومي لقومك حيّة |
|
تقلّب في بحر ولا بلد قفر (١) |
وقال (جآءهم البيّنت) [آل عمران : الآية ١٠٥] و (وقال نسوة فى المدينة) [يوسف : الآية ٣٠]. وقال الشاعر أشد من ذا وقد أخر الفعل ، قال : [المتقارب]
فإمّا تري لمّتى بدّلت |
|
فإنّ الحوادث أودى بها (٢) |
أراد «أودت بها» مثل فعل المرأة الواحدة يجوز أن يذكر فذكر هذا. وهذا التذكير في الموات أقبح وهو في الأنس أحسن ، وذلك أن كل جماعة من غير الأنس فهي مؤنثة تقول : «هي الحمير» ولا تقول «هم». إلا أنهم قد قالوا : «أولئك الحمير» ، وذلك أن «أولئك» قد تكون للمؤنث والمذكر تقول : «رأيت أولئك النساء». قال الشاعر : [الكامل]
٧١ ـ ذمّى المنازل بعد منزلة اللّوى |
|
والعيش بعد أولئك الأيّام (٣) |
وأما قوله (وإذ نجّينكم مّنءال فرعون) [الآية ٤٩] و (وإذ فرقنا بكم
__________________
(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٢) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٣٢.
(٣) البيت لجرير في ديوانه ص ٩٩٠ ، وفيه : «الأقوام» بدل : «الأيام» ، وتخليص الشواهد ص ١٢٣ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٣٠ ، وشرح التصريح ١ / ١٢٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٦٧ ، وشرح المفصل ٩ / ١٢٩ ، ولسان العرب (أولى) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٠٨ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ١٣٤ ، وشرح الأشموني ١ / ٦٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٢ ، والمقتضب ١ / ١٨٥.