منك حطّة لذنوبنا». وقد قرئت نصبا على أنه بدل من اللفظ بالفعل. وكل ما كان بدلا من اللفظ بالفعل فهو نصب بذلك الفعل ، كأنه قال : «أحطط عنّا حطّة» فصارت بدلا من «حطّ» وهو شبيه بقولهم : «سمع وطاعة» ، فمنهم من يقول : «سمعا وطاعة» إذا جعله بدل : «أسمع سمعا وأطيع طاعة». وإذا رفع فكأنه قال : أمري سمع وطاعة». قال الشاعر : [الطويل]
٧٨ ـ أنا خوا بأيدي عصبة وسيوفهم |
|
على أمّهات الهام ضربا شآميا (١) |
وقال الآخر : [الوافر]
٧٩ ـ تركنا الخيل وهي عليه نوحا |
|
مقلّدة أعنّتها صفونا (٢) |
وقال بعضهم : «وهي عليه نوح» جعلها في التشبيه هي النوح لكثرة ما كان ذلك منها كما تقول : «إنّما أنت شرّ» و «إنّما هو حمار» في الشبه ، أو تجعل الرفع كأنه قال : «وهي عليه صاحبة نوح» ، فألقى الصاحبة وأقام النوح مقامها. ومثل ذلك قول الخنساء (٣) : [البسيط]
__________________
(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٢) يروى صدر البيت بلفظ :
تركنا الطير عاكفة عليه
والبيت لعمرو بن كلثوم في ديوانه ص ٧٢ ، وتاج العروس (عكف) ، ومقاييس اللغة ٤ / ١٠٩ ، وجمهرة أشعار العرب ١ / ٣٦ ، والزاخر ١ / ١٠٦ ، وشرح ديوان امرىء القيس ص ٣٢٤ ، وشرح القصائد السبع ص ٣٨٩ ، وشرح القصائد العشر ص ٣٣٣ ، وشرح المعلقات السبع ص ١٧٢ ، وشرح المعلقات العشر ص ٩٠ ، وبلا نسبة في أمالي المرتضى ١ / ١٠٥.
(٣) الخنساء : هي تماضر بنت عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرىء القيس بن بهثة بن سليم ، عرفت بالخنساء وهي صحابية قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع قومها من بني سليم وأسلمت معهم. والخنساء هي أم العباس بن مرداس وإخوته الثلاثة ، كلهم شعراء. كان النبي صلىاللهعليهوسلم يعجبه شعرها ويستنشدها. وقيل : اتفق أهل العلم أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها ، كانت أول أمرها تقول البيتين أو الثلاثة حتى قتل أخوها معاوية ثم أخوها صخر ، فأكثرت في رثائهما ، وما زالت ترثي أخاها صخرا وتبكيه حتى عميت. وقيل : حضرت الخنساء حرب القادسية ومعها بنوها الأربعة ، فقالت لهم : يا بني أنتم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ... فإذا أصبحتم غدا فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ، فقاتلوا حتى استشهدوا جميعا ، فلما بلغها الخبر قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. قيل : توفيت الخنساء سنة ٤٢ ه. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص ١٣٤ ـ ١٣٥).