حلمه انّ «فاطمة الزهراء» بنت رسول الله «ص» دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها «الحسن والحسين» صغيرين ، فاسلمتهما اليه وقالت : علّمهما الفقه ، فانتبه الشيخ عجبا ، فلمّا تعالى النهار صبيحة تلك الليلة ، دخلت عليه المسجد فاطمة بنت الناصر ، وحولها جواريها وبين يديها ابناها «علي المرتضى» و «محمد الرضي» صغيرين ، فقام إليها ، وسلّم عليها ، فقالت له : أيّها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلّمهما الفقه ، فبكى الشيخ وقصّ عليها الرؤيا ، وتولّى تعليمهما (١).
وتشمله العناية أيضا من جدّه أمير المؤمنين «ع».
فانّه لمّا مرض الوزير «أبو سعيد محمد بن عبد الرحيم» سنة (٤٢٠) رأى الامام عليا «ع» في المنام يقول له : قل ل «علم الهدى» يقرأ عليك الفاتحة حتى تبرأ ، فقال : يا أمير المؤمنين ومن علم الهدى؟ قال : علي بن الحسين الموسوي ، فكتب اليه الوزير ، فقال المرتضى : الله الله في امري ، فان قبولي لهذا اللقب شناعة عليّ ، فقال الوزير : والله ما أكتب إليك إلّا ما أمرني به أمير المؤمنين «ع».
فسمع «القادر بالله» بالقصة ، فكتب الى المرتضى : تقبّل ما لقّبك به جدّك فقبل (٢).
مكانته الاجتماعية والعلمية :
بدأ الشريف «المرتضى» يبرز للمجتمع البغدادي في حياة أبيه «أبي أحمد» إذ عيّن نائبا عنه في نقابة الطالبيين ، والنظر في المظالم ، وامارة الحج وهو شاب فتى لم يتجاوز خمسة وعشرين عاما.
ومكانة السيد العلمية غنية عن البيان ، إذ لا شك في انّ السيد المرتضى أحد أعلام الشيعة الامامية ، وممّا يشار اليه بالبنان ، ويعد من الذين كان لهم السهم الكبير ، والحظ الأوفى في إحياء معالم المذهب الامامي ، ومكافحة الأفكار المعادية للفكر
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٤ وروضات الجنات ٢ : ٣٨٣.
(٢) روضات الجنات ٢ : ٣٨٣.